فتح انفجار "مرفأ بيروت" في آب/ أغسطس 2020 جولةً جديدة أمام المدينة مع الترميم، وكأنّ الجولات السابقة التي خاضتها بسبب الحروب واجتياحات المُحتلّين لم تكن كافية ليترسّخ هذا الإجراء بوصفه قدراً مديداً لا يستثني عمرانها الحضري القديم، ابتداءً من أبنيتها الماثلة وليس انتهاء باللُّقى والمقتنيات الأدقّ في صنعتها.
أعلن "المتحف البريطاني" في لندن، يوم الأربعاء الماضي، أنّ ثمانية أوانيَ زجاجية أثرية قد رُمّمت. وكانت هذه القطع موجودة في إحدى خزانات المتحف الأثري التابع "للجامعة الأميركية" ببيروت، عندما وقع الانفجار، وهي معروضة الآن بالمتحف وستعود إلى لبنان قبل نهاية العام الجاري.
ومن بين 74 قطعة كانت تحتويها خزانات متحف "الجامعة الأميركية" التي تبعد ثلاث كيلومترات فقط عن موقع الانفجار، لم يبق سوى اثنتين سليمتين، في حين يحاول المختصون ترميم 46 قطعة، بعد تمكّنهم على مدار عامين من ترميم 26 قطعة، من بينها القطع الثمانية المعروضة الآن في لندن.
تأتي العملية في سياق التعاون بين "المتحف البريطاني" و"الجامعة الأميركية"، وقد اتّسمت عمليات الفرز بالصعوبة والدقّة، بسبب اختلاط قطع الأواني بواجهة خزانة العرض.
ورغم هشاشة المادّة التي صُنعت منها هذه القِطع، أي الزجاج، إلّا أنّ تمكّن الخبراء من إعادة لصقها يُعيد إلى البلد شيئاً من تراثه وتاريخيه، حيثُ تعود هذه القطع إلى حِقَب مختلفة؛ فمنها ما هو بيزنطي مثل الدورق الكبير، ومنها ما ينتمي إلى فترات الحُكم الإسلامي. لكنّ المؤكّد أنّ هذه القطع مجتمعة تمثّل مراحل تطوّر صناعة الزجاج لا في لبنان فحسب، بل بفي منطقة شرق المتوسّط أيضاً.
الجدير بالذكر أنّ المدينة ما زالت تشهد عمليات ترميم واسعة منذ وقوع الانفجار، إلّا أنّه نشاط يتخلّله الكثير من الفوضى، وانعدام تحمّل المسؤولية بين الجِهات المعنية، والجمعيات غير الحكومية.