كان "مهرجان تيمقاد الدولي" في ولاية باتنة، شرق الجزائر، أوّل مهرجانات الجزائر الصيفية التي تعود بعد توقُّف استمرّ سنتَين بسبب جائحة كورونا. ورغم أنّ القائمين عليه أعلنوا أنّ التحضير لدورته الثانية والأربعين بدأ منذ شهر رمضان الماضي، فقد تعثّر المهرجان في ليلته الأُولى؛ إذ تسبَّب خللٌ تقني في توقُّف الحفل الافتتاحي، وسْط استياء بالغ من الحاضرين.
انطلق المهرجان مساءَ الخميس الماضي على مدرّجات مسرح "تيمقاد" أو "تاموقادي" - المدينةِ الأثرية الرومانية التي بُنيت عام 100 للميلاد وصنّفتها "يونيسكو" عام 1982 ضمن قائمة التراث العالمي -، بعرض للمُخرج المسرحي فوزي بن براهيم، تضمّن لوحاتٍ تُعبّر عن الثقافات الجزائرية المتنوّعة، بمشاركة قرابة ثلاثة آلاف فنّان وعارض. غير أنّ العرض توقّف عند اللوحة الثانية بسبب عطب في أجهزة الصوت.
انتهت الليلةُ الأولى بهُتافات الجمهور المستاء، وانسحاب الحاضرين؛ ومن بينهم وزيرة الثقافة صورية مولوجي التي كانت قد وصفت المهرجان، خلال كلمتها الافتتاحية، بأنّه أحدُ "أعرق وأقدم المهرجانات الوطنية والدولية في الجزائر"، وبأنه "لطالما كان ملتقى الفنانين وأهل الثقافة من داخل وخارج الوطن". وسرعان ما انهالت الانتقاداتُ من المعلّقين عبر المواقع التواصُل الاجتماعي محتجّين على ما سمَّوه سوءَ التنظيم، معتبِرين ما حدث إساءةً للثقافة الجزائرية.
دفتر شروط جديد لضبط مهام مُديري المهرجانات وطُرق تسييرها
وتعليقاً على الحادثة، قالت "مديرية توزيع الكهرباء والغاز" في باتنة إنّها لم تُسجّل أيّ انقطاع أو خلل في التيار الكهربائي في منطقة تيمقاد، مُضيفةً أنّ مصالحها "اتّخذت كلّ الاحتياطات اللازمة قُبَيل انطلاق التظاهُرة الفنّية"، بينما قال مُدير المهرجان، يوسف بوخنتاش، إنّ هيئته "ستعمل على تحديد سبب الخلل".
مِن جهتها، أعلنت وزارة الثقافة عن فتح "تحقيق معمّق" لتحديد "أسباب العطب التقني الذي تسبّب في التوقُّف الكامل لأجهزة الصوت"، وتكليف "الديوان الوطني للثقافة والإعلام" (هيئة تابعة للوزارة) بالتكفُّل بالجانب التقني للمهرجان، وإعادة حفل الافتتاح، إضافةً إلى تمديد التظاهُرة لتُختتم اليوم، بعد أن كان مقرَّراً أن تُختَتم أمس الأحد.
وقالت الوزيرة مولوجي، في تصريحات صحافية، إنَّ وزارتها بصدد إعداد "دفتر شروط جديد" لضبط مهام مُديري المهرجانات وطُرق تسييرها"، مُشيرةً إلى الوزارة رخّصت بإقامة جميع المهرجانات الثقافية والفنّية، باستثناء عشرة منها بسبب ما تراكَم عليها من ديون في الفترة بين 2015 و2018، مُضيفةً: "ندرس، حالياً، وضعية المهرجانات التي لديها ديون، لإيجاد حلول لها".
وفي وقت لاحق من ليلة السبت إلى الأحد، أعلنت الوزارة عن إقالة بوخنتاش واستخلافه بالمدير العام لـ "الديوان الوطني للثقافة والإعلام" عبد الله بوقندورة.
ويأتي توقُّف الحفل الافتتاحي ليضيف انتقادات أُخرى للمهرجان الذي انتقد متابعون ما اعتبروه ضعفاً في مستوى برمجته الفنّية، وتركيزه على الأسماء الجزائرية رغم أنّه يحمل صفة "الدولي"؛ إذ يحضر فيه كلّ من المغنّين ماسينيسا، وحميد بلبش، ونعيمة الدزيرية، وياسمين عماري، ومحمد بوسماحة، ومهدي كباسي، وبلال الصغير، وسعاد الشاويّة، وموح ميلانو، وفلان، وديدين كانون 16، وجليل باليرمو، إضافةً إلى فرق "راينا راي" و"تيكوبايين" و"عيساوة" و"الداي"، في حين تقتصر المشاركات من خارج الجزائر على اللبنانية ميرا ميخائيل والفلسطيني هيثم خلايلي.