"مهرجان البقعة للمسرح": إرث النظام السابق

10 مارس 2021
(من عروض دورة سابقة)
+ الخط -

خلال الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها المدن السودانية منذ نهاية عام 2018، احتجّ العديد من المسرحيين على تنظيم "مهرجان البقعة الدولي للمسرح"، مطالبين بمقاطعة التظاهرة، معتبرين أن انعقاده أشبه بتهريج فوق مآتم الشهداء، ناهيك عن أن التظاهرة التي لطالما اتُهم منظّموها بانحيازهم إلى النظام السابق تشكّل محاولة لتزييف الحقائق وادعاء وجود حركة مسرحية سودانية هي شبه معطلة منذ عقود.

ورغم دعوات المقاطعة، أقيم المهرجان الذي ظل منتظماً منذ تأسيسه قبل تسعة عشر عاماً، لتبقى التساؤلات حاضرة حول معنى المشاركة فيه مع استمرار تهميش المشهد المسرحي، والذي يتجلى بتراجع العروض المنتجة كلّ عام، وعدم دعم المهرجانات التي تنشئها فرق مستقلة ثم سرعان ما تواجه التعثّر أو الإلغاء.

بعد تأجيله العام الماضي لأسباب لم يعلن عنها، أعلن منذ أيام عن انعقاد الدورة الحادية والعشرين من المهرجان في موعده الذي ينتظم فيه كل عام، وهو السابع والعشرين من آذار/ مارس تزامناً مع اليوم العالمي للمسرح، وتتواصل فعالياته حتى الرابع من الشهر المقبل.

أمين صديق: المهرجان يعبر عن مرحلة من الفوضى في المعايير نشط في نشرها وسط الحركة الدرامية

تحمل الدورة الحالية اسم الكاتب والفنان والمخرج المسرحي السوداني جعفر سعيد الريح الذي رحل في كانون الثاني/ يناير  الماضي، بعد أن قدّم العديد من الأعمال المسرحية منذ سبعينيات القرن الماضي، ومنها "سكج بكج" و"المهرج"، إلى جانب تأليفه العديد من المسلسلات التلفزيونية والإذاعية.

في حديثه إلى "العرب الجديد"، يقول الكاتب والمخرج المسرحي السوداني أمين صديق إن  المهرجان "قام تاريخياً على الخصم من رصيد النشاط المسرحي السوداني، باعتباره فعالية خاصة برئيس اتحاد المهن الدرامية الأسبق علي مهدي، الذي عمل بوصفه واحداً من أبناء نظام الإنقاذ على الاستفادة الشخصية من ميزانية النشاط الدرامي في بناء مهرجان خاص به، في الوقت الذي كان النشاط المسرحي يعاني من ندرة في الإنتاج وضيق في القدرة، وتم تمويل دوراته الأربع الأولى من ميزانية المسرح القومي خصماً من نشاط الموسم المسرحي نفسه وتوقف مهرجانات الدولة المسرحية على التوالي".

حاتم محمد علي: كيف سيكون وضع المهرجان والنظام السابق يحاكم الآن، وطُرد قادته من الحياة السياسية؟

ويضيف: "المهرجان يعبّر تماماً عن مرحلة من الفوضى في المعايير التي نشط صاحب المهرجان في نشرها وسط الحركة الدرامية لتضييع معيار القدرات في الوسط الدرامي، فالمهرجان يجمع المحترفين والهواة في منافسة واحدة باستراتيجية واضحة تخالف بشكل مضاد وواضح إستراتيجية النشاط المسرحي طوال فترة ممتدة من 1967 وحتى 1990، أي قبل سطو حزب المؤتمر على السلطة، وهي استراتيجية علمية تنظر لمستقبل القدرات المسرحية في السودان على أنها مبنية على المعارف والعلوم الأكاديمية والتجارب العملية المتدرجة من الهواية صوب الاحترافية".

أما المخرج المسرحي السوداني حاتم محمد علي، فيشير في حديثه إلى العربي الجديد" إلى أن المهرجان لن يعود، مستذكراً مقولة مؤسسه ورئيسه علي مهدي "أنا ابن النظام وعمتو"، ويضيف: "النظام كان دموياً وإرهابياً ويمثل رئيسه الآن للمحاكمات وستكتمل محاكمته في المحكمة الجنائية الدولية قريباً، فكيف سيكون وضع مهدي ومهرجانه والنظام المدحور يحاكم الآن، وطرد قادته من كل مفاصل الحياة السياسية".

المساهمون