صدر عن سلسلة "ترجمان" في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" النسخة العربية من "معجم العلوم الاجتماعية" الذي أعدّه وحرّره عالم الاجتماع والأنثروبولوجي الأميركي كريغ كالهون وصدر عام 2002، وقام بترجمته الباحث السوري معين رومية.
يمثّل المعجم "عملاً مرجعياً يتضمّن أكثر من 1700 مدخل، يراوح عدد كلمات كل منها بين 50 و500 كلمة، مقدماً، ضمن مجلّد واحد، تعريفات موجزة وواضحة وشاملة لمصطلحات مهمّة تعود إلى تخصّصات محدّدة في مختلف حقول المعرفة الاجتماعية، وتعرّف القراء بالقضايا الفكرية المطروحة، وتتناول المداخل الثقافة والحقول المعرفية المعاصرة، وتشمل المصطلحات والمفاهيم والنظريات والمدارس الفكرية والمنهجيات والتقنيات والموضوعات الأساسية، إضافة إلى القضايا الرئيسة المثيرة للجدل"، بحسب بيان المركز.
كما يتضمّن الكتاب نحو 275 سيرة ذاتية موجزة لشخصيات معروفة - مثل فرانز بواس وجون مينارد كينز وماكس فيبر وغيرهم - ممن تركت أعمالهم أثرًا عميقًا في مختلف المجالات، ويتوجّه الكتاب إلى الطلاب والباحثين الذين يحتاجون إلى مصطلحات محدّدة في العلوم الاجتماعية خارج مجال تخصّصهم المباشر، حيث يسعى إلى تبديد الحواجز التي تفصل بين تخصّصات العلوم الاجتماعية المختلفة، ويتوخّى إتاحة مصطلحات العلوم الاجتماعية لسائر القرّاء.
يضمّ المعجم 1700 مدخلاً تعود إلى تخصّصات محدّدة في مختلف حقول المعرفة الاجتماعية
يقول المؤلف في مقدمة معجمه إن توسع المفردات الاصطلاحية لعلم الاجتماع لا يقسّم الباحثين فحسب، بل هو حدّ فاصل بين علم الاجتماع والجمهور الأوسع، والهدف من هذا المعجم هو التخفيف من كلا الأمرين، "وقد حاولنا جعله واضحًا بما يكفي ليمكن استعماله على نحو مفيد من أولئك الذين لا يملكون خلفية تخصصية في أي فرع أو حقل أكاديمي جزئي محدد، وجعلناه أيضًا دقيقًا وأساسيًّا بما يكفي، حيث سيكون على نحو أصيل واضحًا ومغنيًا لعلماء الاجتماع. إن كل باحث تقريبًا سرعان ما يغدو شخصًا عاديًا عندما يقرأ خارج نطاق تخصصه. وقد وجهنا هذا المعجم إلى الشخص العادي المتعلم الذي ربما يكون في بعض الأحيان أنثروبولوجيًا يقرأ عملًا في علم النفس أو ربما صحافيًا يسعى إلى استيعاب مفهوم تقني في علم الاقتصاد".
في مواجهة المصادر الكثيرة للتنوع، وحتى للتناقض في استعمال المصطلحات، وضع المؤلف مجموعة من الخطوط المرشدة لكتابة هذا المعجم، فيقول: "واجهتنا مسألة أنه لا يوجد تعريف واضح ومعياري لمصطلح العلوم الاجتماعية ذاته. ففكرة هذه ’العائلة‘ من الفروع المعرفية لم تُصَغ إلا في أواخر القرن التاسع عشر. يرى بعضهم أن كونها جزءًا من العلوم الإنسانية المتميزة من الطبيعية أو الفيزيائية هو أمر أساس. ويرى آخرون أن مثال وحدة العلم يظل جوهريًا، وأن تسمية "علم اجتماع" لا تعني اختلافًا عميقًا في النوع، بل تعني تخصصًا على مستوى الموضوع فحسب. وفي الولايات المتحدة خصوصًا، يشدّد أولئك الذين يركّزون على الكلمة الأولى في مصطلح "علم اجتماع" في الأغلب على التميز من الإنسانيات أيضًا. ويعارض بعضهم هذا الأمر بفكرة علم الاجتماع الإنساني، ويستخدم آخرون، في أوروبا تحديدًا، مصطلح علم بطريقة تتضمن كثيرًا مما يدعوه الأميركيون "الإنسانيات". يُعَد القانون في بعض الأوساط من العلوم الاجتماعية، لكننا لم نضمّنه فيها على الرغم من أن بعض المفاهيم القانونية موجود في المعجم. لا يمكننا معالجة هذا الموضوع بالتفصيل هنا، ناهيك بالبتّ فيه. لكن لأغراض تخص تأليف هذا المعجم كان من الضروري وضع تعريف إجرائي. تضمنت مقاربتنا شَمْل كل ما في بعض الحقول الأكاديمية وبعض الحقول المتداخلة، ثم أجزاء من حقول أخرى فحسب تدخل على نحو ملتبس في قائمة العلوم الاجتماعية. هنا، شددنا على الكلمة الثانية من مصطلح ’علم اجتماع‘ تشديدًا شمل تلك الحقول التي تركز بشكل أوضح على الظواهر والعلاقات الاجتماعية".
يغطي المعجم مجالات الاقتصاد والسياسة والسوسيولوجيا والأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية، وبعض المعالجة غير الشاملة للألسنية، والأركيولوجيا/ الحفريات والأنثروبولوجيا الطبيعية، إلى جانب مصطلحات الجغرافيا البشرية والاجتماعية (وحقولها الفرعية من مثل الجغرافيا السياسية وجغرافيا السكان)، لكن ذلك لم يشمل الجغرافيا الطبيعية، حرصاً على إيراد المصطلحات والمفاهيم الضرورية فحسب.
ويشمل الكتاب أيضاً التاريخ والكتابة التاريخية، لكن مع التشديد على المفاهيم التحليلية أكثر من المجالات الفعلية وبتفصيل منهجي أقل مما هو في حالة الاقتصاد أو السياسة أو الأنثروبولوجيا الثقافية والاجتماعية أو الجغرافيا البشرية، وكذلك تغطية الحقول العابرة للتخصصات للدراسات في الثقافة والاتصالات والدراسات الإعلامية والماركسية والتحليل النفسي، ولكل منها حضور فكري متميز جزئيًا على الأقل عن مختلف فروع علم الاجتماع، ومع ذلك فإن تأثيره واسع إلى حد ما.
كما تتضمّن مفاهيم صميمية من فلسفة علم الاجتماع وما رأيناه رئيسًا من أفكار وتوجهات ومفكرين من مجال الفلسفة، وذلك عمومًا بقدر ما يشكلون جزءًا مكملًا للميراث الفكري للعلوم الاجتماعية، ومفاهيم من الإحصاء وطرائق البحث بأسلوب مبسّط فحسب وحيث تكون علاقتها واضحة بعلم الاجتماع. ولعلّ علم النفس كان أكثر الحقول التباسًا، لذا تمّ إدراج مصطلحاته.