"ماربويتكا" في مربلة.. الشعراء في مدينة اليخوت

03 اغسطس 2021
من قراءات المهرجان
+ الخط -

لعل أبرز ما ميِّز الدورة الرابعة من مهرجان "ماربويتكا MarPoética" الشعري، الذي يعقد كل عام في مدينة مربلة الأندلسية المتوسطية (ماربيلا بالإسبانية)، في الأيام العشرة الأخيرة من شهر تموز/ يوليو، هو مشاركة شعراء الجيل الجديد من الشباب الإسبان إلى جانب شعراء النخب الأول في تشارك الأنخاب على ضفاف المتوسط، احتفاءً بالشعر.  

حوتٌ كبير معلّق في السقف يسهر راقصاً على الشعر، فيما يستمع الحضور إلى كلمات الشاعر أنطونيو لوكاس، مدير المهرجان، وهو يعلن عن افتتاحه في مسرح المدينة، مرحّباً بالروائي والشاعر مانويل ريفاس. يعترف صاحب رواية "الأصوات المرتعشة"، في حضرة الشعر والشعراء، أنّه "مهرّبٌ للنوع"، مدركاً هوية المهرجان الشعرية، مع ذلك يقول: "الشعر يلزمنا جميعاً"، وينتهي قارئاً نصوصاً نثرية مكثفة استقبلها محبو الشعر بكل شغف وتصفيق. 

بعيدةً عن صورتها النمطية كمدينة اليخوت الخاصة والصحافة الوردية

أطياف شعراء تركب موج المتوسط: فيدريكو غارسيا لوركا، رافائيل ألبيرتي، ميغيل هرنانديز، وخوان رامون خمينيز؛ كلهم يحضرون معنا في صوت المغنية كارمن ليناريس التي راحت تنسج علاقات تاريخية بين الفلامنكو والشعر.

أمام أصوات الشعراء وأطيافهم، صخب الموج وزبده، أثقال التاريخ، وموسيقى البارات، يفضل الشاعر لويس مونيوز أن يكون هامشياً، يحبّ أن يصمت، ألا يكتب الشعر إلا في تلك اللحظات الحميمية التي تغزو القلب. هنا يطرح بابلو بخالانس سؤال الشعر: هل الشعر حقيقة أم خيال؟ الشعر بحثٌ دائم عن الحقيقة، ولكن لا يمكن الوصول إلى الحقيقة إلا من خلال الخيال. يجيب خوان بونيا، رافضاً تشييد الحدود بين الواقع والخيال، المرئي واللا مرئي. 

"تخيّل، أيها الشاعر، ولا تنسى أن تكتب الواقع". بهذه الكلمات ينتهي حوار بابلو وخوان، ليبدأ الشاعر خافيير فيسيدو، منسق سلسلة "كلمات في البحر"، استضافته لقراءات شعرية لشعراء تحت سن الثلاثين. ماريا إيلينا وخوان غاييغو بينوت، صوتان شعريان متناغمان يحولان الأسماء إلى دماء، الأفعال إلى لعابٍ، والصفات إلى أشواك بطعم العلقم. 

رغم الوباء عاد مهرجان ماربويتكا الإسباني لاحتضان شعراء إسبانيا

آنا إيوخينيا بينيغاس، شاعرة المدينة، تعشق الأشكال الكلاسيكية، الرموز، والاقتباسات. لا داعٍي لأن تركب موج المتوسط، أو أي يخت باذخ، موج قصائد آنا سيأخذك في جولة تعرفك على المدينة وعلى أشباحها. جوردي دوسي، أولبيدو غارسيا فالديس، برناردو أتكساغا، خورخي فيالوبوس، خافيير فيلا، وماريو أوبريرو جميعها أصوات شعرية شابة تؤكد حقيقة مفادها أن لا عمر للشعر، وأنه القرصان الوحيد الذي يحمل سيف المخيلة ويحرس البحر.

بين مكتبة المدينة ومسرحها، يتنزه الشعراء فيما يستمعون إلى أطياف أسلافهم، يرقص التاريخ من حولهم، تتعالى أصوات جديدة، وأساليب واعدة. الشعر الإسباني بخير، يؤكد الشاعر خوان أنطونيو غونزاليس برفقة كل من ماريا مارتينيز باوتيستا وخوان دي بياتريس، إنه دائم الشباب، ليس حكراً على جيل أو زمن أو مفكر، بل هو طلسم يسحر حتى أولئك الذين يدعون أنهم لا يستمتعون بقراءته. 

عام آخر، يعود مهرجان ماربويتكا ليكون مكاناً يحتضن الشعراء، والفنانين والقرّاء. مربلة، هنا هي هذا المكان، مزيج ساحر بين الأدب وزبده، البحر وموجه، بعيدةً عن صورتها النمطية كمدينة اليخوت الخاصة والصحافة الوردية.

المساهمون