"ليالي الفيلم الأفريقي": مقاربات لأسئلة الألفية الجديدة

29 اغسطس 2021
من فيلم "الصبيّ الذي أخضع الريح"
+ الخط -

يتوجه صنّاع السينما في القارّة السمراء ــ منذ بدء الألفية الثالثة ــ إلى موضوعات تتعلّق بالهجرة وواقع الجيل الثالث والرابع من المهاجرين الأفارقة في أوروبا وعلاقتهم مع بلدانهم اليوم، كما يضيئون التّدخلات الغربية في الصراعات السياسية والحروب التي تشهدها أفريقيا، وترسيخ واقع الهيمنة عليها.

تستضيف "مؤسّسة عبد الحميد شومان" في عمّان، عند السادسة والنصف من مساء الثلاثاء، السابع من الشهر المقبل، ثلاثة أفلام من جنوب أفريقيا وغانا وملاوي تُعرض في "ليالي الفيلم الأفريقي" التي تتواصل لثلاثة أيام، ويتبعها نقاش مفتوح مع الجمهور، بعد ما اقتصرت برامج المؤسّسة على عروض افتراضية طوال العام الماضي.

"ليس دفناً بل قيامة" (2019) عنوان الفيلم الذي يُعرض يوم الافتتاح للمخرج الجنوب أفريقي ليموهانغ إرميا موسى، الذي يروي قصّة امرأة تعيش في مملكة ليوستو الصغيرة (تحيطها جنوب أفريقيا من الجهات الأربع) وتقاوم مخططات الحكومة لإغراق قريتها من أجل بناء سدّ في المنطقة، وهي تستدعي في نضالاتها أساطير من التاريخ وتتحدّث عن إجبار القبائل التي كانت تعيش المنطقة على النزوح من أجل استيطان الرجل الأبيض.

تتناول الأفلام المعروضة توحُّش الشركات الأجنبية وفساد السلطة

تقع أحداث الفيلم بينما تستعد الأرملة مانتوا ــ التي تبلغ الثمانين من العمر ــ لاستقبال جثمان ابنها الذي كانت تنظر بفارغ الصبر عودته من عمله في مناجم التعدين بجنوب أفريقيا، حيث يموت هناك مئات العمّال بسبب ظروف العمل الصعبة، ولا تفصل بين مسألة دفنه في أرض اجداده وبين محاولات اقتلاع القرويين منها من أجل أن يسكنوا في عشوائيات حول المدن.

أما الفيلم الثاني، "جنازة كوجو" (2018)، للمخرج الغاني بليتز بازاولي، فيتناول حياة فتاة صغيرة تدعى إيسي، تعيش في إحدى قرى غانا الصغيرة، حيث تعمل والدتها في مهنة الخياطة وتجني مكاسب صغيرة جداً، بينما يضطرّ الوالد إلى الذهاب إلى المدينة. يصوّر الفيلم جانباً غير مطروق كثيراً في السينما الأفريقية، ويصوّر توحّش الاستثمارات الصينية التي تجتذب عمالة رخيصة وسط ظروف عمل شاقة، كما يستعرض الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة والعلاقات المشبوهة بين رجال الأعمال والأجهزة الأمنية.

يقدّم المخرج الملاوي شيواتال إيجيوفور في فيلم "الصبي الذي أخضع الريح" (2019) نظرة أكثر تفاؤلاً من خلال شخصية طفل يحلم باستخدام طاقة الرياح ــ التي قرأ حولها كتاباً ــ في تغيير الأوضاع المتردّية التي تعيشها قريته في ملاوي. وخلال ذلك تبرز جملة من الصراعات داخل مجتمع القرية الصغير، الذي لا يزال أسير معتقدات قديمة حول انتظار الآلهة لتُنقذ محاصيلهم من الجفاف، وعدم تقبلّهم لفكرة الاعتماد على تقنيات حديثة لتطوير زراعتهم، وما يسبّبه ذلك من أزمة غذاء كبرى تتعرّض إليها البلاد منذ مطلع الألفية الثالثة. كما يصوّر المخرج واقع الآباء الذين حُرموا من التعليم وهم يحرصون على توفيره لأولادهم، لكنهم في الوقت نفسه يصطدمون معهم، نتيجة ما تطرحه الأجيال الشابة من أفكار تتعارض مع عاداتهم وتقاليدهم.

 

المساهمون