قد لا يعني اسم مدينة كابور، شمال غرب فرنسا، شيئاً لقرّاء مارسل بروست. لكنْ يكفي أن نقول إنها المدينة التي استقى منها الكاتب الفرنسي تفاصيل المكان في عمله الأشهر، "بحثاً عن الزمن المفقود"، مانحاً إيّاها، في الرواية، اسم بالبِك، ليتغيّر الأمر. فكاربور، مثل بالبِك، مدينةٌ تقع على البحر، شمال غرب فرنسا، في إقليم النورماندي، وهي أيضاً منتجعٌ وفضاءٌ للاصطياف على البحر، كما أنّ فيها ساحاتٍ وفنادق تتطابق مع تلك التي يصفها الروائي في عمله المطوّل.
على بُعد أشهر من المئويّة الأولى على رحيل بروست (1871 ــ 1922)، ها هي بلديّة مدينة كابور تعلن إطلاق "فيلا الزمن المستعاد"، وهي متحفٌ ومنزل يُراد منه تخليد علاقة الكاتب الفرنسي بالمدينة، التي قضى في واحدٍ من فنادقها شهوراً، لا سيّما خلال فترة الصيف بين عامي 1907 و1914، حيث كتب جزءاً معتبراً من عمله "بحثاً عن الزمن المفقود".
عبر صالاتٍ تحمل عناصر وأثاثاً وأعمالاً فنية من بداية القرن الماضي، يسعى المتحف إلى وضع زوّاره في أجواء كتلك التي كان يعيشها الكاتب الفرنسي؛ حيث يجد الزائر نفسه، عند دخوله الفيلا، في بهوٍ واسع تُعرض فيه أشرطةٌ وصور ولوحات، ترافقها أصواتٌ وموسيقى وملابس تعكس، مجموعةً، مناخ تلك الفترة، بما يهيّئ الزائر لدخوله مرحلة زمنية مختلفة.
وتلي البهو فضاءاتٌ أربعة، مخصّصةٌ للبسْتَنة والموسيقى واللعب والاستقبال، تضمّ أثاثاتٍ وعناصر تزيينية وكتباً، حيث يمكن للزوّار الاطّلاع عليها وتناولها في أيديهم إن أرادوا، أو الجلوس على كرسيّ وأمام طاولات تشبه تلك التي كان يجلس إليها بروست.
ويضمّ الطابق الأوّل أربع صالات أيضاً تحتضن أعمالاً لفنّانين من النورماندي، تصوّر تضاريس المنطقة المحيطة ومشاهد بحرية، إضافة إلى صالاتٍ تضمّ مكتبةً مليئة بكتبٍ قد يقرأها قارئ عاش بداية القرن الماضي.
أمّا أكثر الصالات دفعاً للزوّار نحو عوالم بروست الخاصة، فقد تكون تلك المخصّصة لتبيين العملية الإبداعية لدى الكاتب الفرنسي، حيث تُوضَّح طريقة عمله، وبرنامجه اليومي، إضافة إلى المصادر التي كانت تحيط به وتلهمه، من كُتب وأعمال فنية.
سيبدأ المتحف استقبال زوّاره بدءاً من التاسع عشر من أيار/ مايو الجاري، وهو الموعد الذي حدّدته الحكومة الفرنسية، أمس الإثنين، لعودة النشاط، بشكل جزئي، إلى الحياة الثقافية في البلاد، بعد عدّة مراحل من الإغلاق.