كما فرضت حضورها في الفضاء العام، تفرض فنون الشارع نفسها على دوائر البحث وأيضاً على منظومة النشر؛ حيث تتزايد كل عام الإصدارات حول هذا الحقل من النشاط الإبداعي.
عن منشورات "دو ليور" الفرنسية، صدر مؤخراً كتاب "فنون الشارع: أبعد من الجدران" للباحثة كلير شابنوا التي تنطلق من توصية للقارئ بألّا يفعل كما نقّاد الفن في القرن العشرين، أي يتوهّم وجود تراتبية بين الأشكال الإبداعية.
ترى شابنوا بأن فنون الشارع لو جرى تحليلها بنفس أدوات تحليل الفنون البصرية الأُخرى (تاريخ الفن، السيميولوجيا، علم الظواهر...) فستكون النتيجة غير بعيدة، أي سنقف على تيارات ومدارس وابتكارات وإضافات للفن.
تسجّل الباحثة الفرنسية تحوّلات في تاريخ هذا الشكل الفني، حيث لم يعد يجابَه بالرفض القاطع من السلطة، بل إن العديد من المؤسسات الرسمية باتت تطلب تزيين واجهاتها بأعمال من فن الشارع، مثل تزيين الفنان التونسي إل سيد جانباً من "معهد العالم العربي" في باريس.
تشير المؤلفة إلى أن قدرات التأقلم في فنون الشارع عالية، فتذكر أن اللوحة - وهي الإطار الإبداعي المهيمن - لا يمكن تلقيها دون ظروف معيّنة، من الإضاءة إلى فضاء العرض، في حين أن فنون الشارع تستطيع إيصال رسائلها حتى في بيئة معادية لها.