عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" و"معهد الدوحة للدراسات العليا"، صدر حديثاً العدد الثامن والثلاثون (خريف 2021) من دورية "عمران" للعلوم الاجتماعية، متضمّنًا ملفًّا خاصًا عن "الاستعمار الاستيطاني والصراع بين الفلسطينيّين والحركة الصهيونية".
ضمّ العدد، في باب "دراسات" مجموعة من الدراسات؛ هي: "استعمار استيطاني أم نظام أبارتهايد: هل علينا أن نختار؟" للمفكّر العربي عزمي بشارة، وتناول فيها طبيعة "إسرائيل" بوصفها دولة نشأت عن مشروع استعمار استيطاني، مُبيّنًا أن هذه النشأة ليست مسألة تاريخية فقط، بل هي مكوّن رئيسي في بنية الدولة وطبيعة المواطنة فيها.
وتحت عنوان "الصهيونية ومعضلة شرعيّة الاستعمار الاستيطاني: الرد بالدّين على المقاومة الفلسطينية"، بحثت دراسة نديم روحانا حالة تفاعل المطالب القومية والدينية والاستعمارية - الاستيطانية في إطار المشروع الصهيوني، كاشفةً عن دور هذا التفاعل في التعتيم على الاستعمار الاستيطاني.
وفي دراستهما التي حملت عنوان "إعادة التفكير في شرط الحكم غير المباشر: تحوّلات أشكال الحكامة الكولونيالية الإسرائيلية وأنماط مقاومتها"، وظّفَ هاني عواد ومريم هواري المقاربة المؤسسية لتقديم إطار مفاهيمي لفهم تحولات نظام الحكامة الاستعماري الاستيطاني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتحولات أنماط مقاومته، ليخلُصا إلى أنّ شكل الحكامة الاستعمارية - الاستيطانية الإسرائيلية، ومنطقها الناظم، لا يتوقّفان على الإرادة الكولونيالية فحسب، بل كذلك على تفاعلها مع المقاومة الفلسطينية.
وبحث لورينزو فيراسيني في دراسته، "الإسلاموفوبيا ومعاداة الساميّة والصهيونية والاستعمار الاستيطاني"، في علاقة الإسلاموفوبيا بمعاداة الساميّة في سياق التحوّل الأخير الذي شهدته أوساط اليمين الأوروبي الراديكالي نحو مواقف مؤيدة لـ"إسرائيل"، مبتعدًا بذلك عن معاداته التقليدية للساميّة. وتؤكد الدراسة على الدور التأسيسي الذي تؤدّيه المخيالات الاستعمارية والاستعمارية الاستيطانية في تغذية العلاقات الدينامية بين هذا النوع من ظواهر الرهاب، ومن ثم تخلص إلى أن تعبيرات الإسلاموفوبيا الحالية يمكن اعتبارها معاداة ساميّة بديلة.
وبعنوان "أين فلسطين في العالم؟"، يتناول حميد دباشي قصّة قصيرةً من قصص غسان كنفاني، في محاولة لكشف "كيف يُكوّن أولئك الذين قرؤوها ومثّلوها ومسرَحوها وحرسوا قيمتها الخالدة لَبناتِ عالمٍ حقيقي يفكك جميع تلك العوالم الوهمية التي لم يكن لها من شغل غير إنكارهم والتقليل من قيمتهم ومحوهم".
ويُحاجّ إيلان بابيه، في دراسته التي تحمل عنوان "القانون الدولي والاستعمار الاستيطاني في فلسطين التاريخية" بأن القانون الدولي قد أخفق حتى اليوم في تغيير الوضع القائم في فلسطين التاريخية، لكونه لا يملك عمومًا ما يؤهّله للتعامل مع جذور المعضلة في القضية الفلسطينية، والتي تتعلق بالاستعمار الصهيوني وما يحظى به من حصانة دولية.
وفي باب "ترجمة"، نقرأ دراسة لليلى أبو لغد بعنوان "لنتخيّل بدائل فلسطين المحلّانية: الاستعمار الاستيطاني وسياسة المتحف" من ترجمة عامر إبراهيم. تذهب الدراسة، مرتكزةً بالخصوص على تاريخ "المتحف الفلسطيني"، الذي افتتح في بيرزيت عام 2016، إلى أن إنتاجية إطار الاستعمار الاستيطاني تكمن في أشكال التضامن الجديدة التي يحدثها وفي قدرته على فتح المخيلة السياسية الفلسطينية، بدلً من توصيفه المباشر للوضع على أرض الواقع.
وضمّ باب "مراجعات الكتب" مراجعات لأربعة كتب هي: "حرب المئة عام على فلسطين: قصة الاستعمار الاستيطاني والمقاومة 1917-2017" لرشيد الخالدي، من إعداد أحمد مأمون، و"تفكيك استعمار فلسطين: حماس بين مُناهضة الاستعمار وما بعد الاستعمار" لـ سومديب سين، من إعداد يارا نصّار، و"لا مستوطن ولا محلاني: صناعة الأقليات الدائمة وتفكيكها" لمحمود ممداني، من إعداد مريم الهاجري، و"رجال الحجارة: الفلسطينيون الذين بنوا إسرائيل" لـ آندرو روس، من إعداد إيهاب محارمة.