في بداية تسعينيات القرن الماضي، قدّم المسرحي التونسي فاضل الجزيري عرضاً بعنوان "النوبة" قدّم فيه مشهد الفنون الشعبية على المسرح، ومن ثمّ صارت حاضرة في وسائل الإعلام وأخذت موقعاً أساسياً في مجمل الحياة الثقافية، وبالتالي اعتُبرت لحظة "النوبة" منعطفاً في الخيارات الفنية للبلاد بعد عقود من تهميش الفن الشعبي.
لا تزال تلك اللحظة تُستعاد إلى يومنا بأشكال مختلفة، لعلّ أبرزها مسلسل قُدّم في جزأين بين 2019 و2020 بعنوان "نوبة" للمخرج عبد الحميد بوشناق، وتناول، خصوصاً في جزئه الأول، كواليس إنجاز العرض الذي أعدّه فاضل الجزيري، بالإضافة إلى تقديم عالم الفن الشعبي من الداخل.
استعادة أُخرى تُقام مساء اليوم على خشبة "باتو لريفركينغ" في باريس من خلال عرض موسيقي بعنوان "عشاق النوبة"، يقدّم فيه المغني التونسي تليلي القنصي مجموعة من أغاني الفنون الشعبية في تونس.
تعني النوبة تلك الحالة التي تنتاب البعض مع الاندماج في الموسيقى التي تقترحها أغان بينها، عادة ما تعتمد على سرعة الإيقاع، خصوصاً ضمن نمط غنائيّ شعبي يُعرف بـ"المِزوِد" أو تفريعته الخاصة بالموسيقى التي يضعها السجناء وتسمّى "الزندالي".
بحسب تقديم العرض، يعود المغنّي التونسي إلى فترة التسعينيات من القرن الماضي، فيقدّم أغانيها التي مثّلت نقلة في سلوكيات استهلاك الفن في تونس، ويجد كثير من الباحثين أن ذلك المنعطف مرتبط بانتقال السلطة من حبيب بورقيبة إلى زين العابدين بن علي، ناهيك عن منعطف العولمة الذي يعيشه العالم، وجعل الكثير من الشعوب تلتفت أكثر إلى خصوصيتها الفنية.