كلما تعلّق الأمر بالتاريخ القريب لتونس، نجد تقلّصاً في الإنتاج التأليفي، وهو ما يشير إلى حالة من التردّد حيال الكتابة في ما يلامس قضايا حيّة في الحاضر. لكن يبدو أن هذا الوضع بدأ يتغيّر في السنوات الأخيرة مع ظهور منهجيات ومقاربات جديدة.
في هذا السياق، صدر مؤخراً كتاب "عائلة ابن عاشور: رحلة في الفكر العالم التونسي" للباحثة لمياء العبيدي، بتقديم المؤرّخ التونسي لطفي عيسى، ضمن سلسلة "البصمة والمنوال" التي أطلقتها "دار كلمة" في تونس.
يقترح العمل أدوات منهجية لدراسة التاريخ الثقافي لأسرة ابن عاشور وانتقال أدوارها من "صورة الولي" إلى "جيل المثقف" على مدار ثلاثة أجيال، وهو ما يضيء محطّات كبرى في تاريخ تونس ويفسّر تحوّلاته على مساحة زمنية تتجاوز القرن.
كما تدرس المؤلّفة نظام التوريث داخل الأسرة في معانيه المعرفية والمادية وكيفية الاندماج في خيارات الدولة الوطنية، وبذلك مسحت المؤلفة مرحلة زمنية طويلة بدأت من القرن السابع عشر ووصلت إلى سبعينيات القرن العشرين.
يشير تقديم الناشر إلى أن هذ العمل أشبه بـ"رحلة" حقَّقت من خلالها الباحثة مجموعة من الرهانات، "لعل أبرزها تتبع علاقة عائلة بالعلم والثقافة، وبتاريخية هذه العلاقة، فلم يكن الأفراد المشكلين للمسار العائلي مجرّد صور لذواتهم وللمحيط العائلي، بل نماذج نجحت في نقل ثقافة عصرها".