منذ إطلاقه عام 2010 في "غاليري زيلبرمان" بإسطنبول، اختار القائمون على المعرض الجماعي "شابّ، جديد ومختلف" إلغاء البروتوكلات التقليدية في اختيار الأعمال في المحافل الفنية الجماعية، من ضرورة تقديم أعمال حول مفهوم أو ثيمة معيّنة، أو شكل فنّي معيّن، أو وجود مسيرة شخصية تبرّر اختيار فنان أو فنانة بدل غيرهم، أو مرور المشاركين بدراسة فنّية أكاديمية.
ذلك أن هدف هذا المعرض الجماعي، منذ البداية، كان إزالة الحواجز أمام الفنانين الشباب الذين يواجهون صعوبات في تقديم أعمالهم للجمهور، ومساعدتهم على كسْب رزقهم منها، لا عرضها بشكل مجّاني وتطوّعي في معارض جماعية للشباب. هكذا، لم يشأ الغاليري الأخذ إلّا بمعيار واحد: قيمة العمل الفني الذي يقترحه الفنانون الراغبون بالمشاركة.
هذه الأيام، وحتى الثالث عشر من آب/ أغسطس المقبل، يحتضن الغاليري، الواقع في حيّ الاستقلال بإسطنبول، النسخة الحادية عشرة من المعرض، بمشاركة ثمانية فنّانين أتراك، هُم: بينار كوكسال، وأمين بيرك، وسنان أوراكتشي، ودلال إكين، وجورين سو جيليك، وأوزكان إشيك، ويارن ييلدز، وبينار مارول.
تتنوّع الأعمال المعروضة بين اللوحات والصور الفوتوغرافية والتركيب والفيديو والأعمال الفنّية الرقمية، ما يجعل من المعرض تجربة مكثّفة في مكان واحد، حيث ينتقل الزائر من رسْم "كلاسيكي" بالألوان الزيتية إلى عملٍ مُنجَز بشكل كامل على الكومبيوتر، مروراً بجداريات بلّورية ثُبِّتتْ فيها أغراضٌ ومقتياتٌ عُثر عليها في شوارع المدينة التركية.
في صوره، يركّز أمين بيرك على ظاهرة بناء الأجسام، التي لا يُقاربها من باب النقد، بل دفاعاً عنها؛ أو هذا على الأقل ما نفهمه من عنوان السلسلة التي يعرضها، "الفوبيا من العضلات"، والتي يقترح فيها صوراً لأجسام شباب مفتولة العضلات، لا نرى وجوههم، الواقعة خارج الكادر أو المختفية وراء غبش البلور.
ورغم بُعد أعمالهما عن ثيمة الجسد هذه، إلّا أن رابطاً ما يجمع بين اشتغالات يارن ييلدز ودلال إكين وبين صور أمين برك: فهما أيضاً يبحثان، من خلال أعمالهما، في قضايا راهنة، مثل مسألة التباعد الاجتماعي التي عشناها خلال فترات العزل الصحّي خلال السنتين الماضيتين (ييلدز)، أو مسألة التلوّث البيئي (إكين).
ومن مفاجآت المعرض عملٌ للفنان أوزكان إشيك بعنوان "نحن الاثنين"، نخاله من بعيد لوحةً بالألوان الزيتية أو غيرها، لكننا سرعان ما سنكتشف أنه عبارة عن عملٍ من نسيج القنّب والبوليستر، حيث يُبدي الفنان الشاب قدرة عالية في ضبط الخيوط وتكوينها، وفي المحافظة على فروقات لونية دقيقة وغنيّة، تنمّ عن حِسّ لونيّ عادةً ما يخفيه، أو يُخفّف منه، هذا النوع من الأعمال القماشية.