"رائحة التفّاح".. سيرة روائية عن سيبويه

08 يوليو 2022
مجدي أنور/ مصر
+ الخط -

طالما استحضرت الرواية العربية شخصيّات من التراث العربي الإسلامي وبنَت عليها، حتّى أنّ بواكير ما كُتبَ منها انطلقَ من النظر في المصادر التاريخيّة وتمثيل شخصيّاتها من شعراء وأدباء، وكذلك الساسة أو مَن لهم علاقة بالحُكم. لكنّ الالتفات إلى علماء النحو على تنوّعهم وغزارة أخبارهم نادرٌ في السياق الروائي.

"رائحة التفّاح" عنوان الرواية الصادرة مؤخّراً عن "دار التنوير" للروائي والأكاديمي السوري محمود حسن الجاسم (1966)، والتي تنطلق في موضوعها من شخصيّة تُراثية عُرِفَت بنبوغها، بقدر ما تُحيل سيرتُها إلى نهاية تراجيدية غلب عليها الموت بطابع ثقيل، ونحن نتحدّثُ هنا عن سيبويه، وهو العالم والنحوي البارز الذي جمع قواعد اللغة العربية في منتصف القرن الثاني للهجرة.

عنوان الرواية هو الترجمة العربية لمعنى اسم سيبويه الذي يعود إلى أصول فارسية، وهو اللقب الذي طغى على عمرو بن عثمان. إلّا أنّ العوالم السردية التي يستعيرها الجاسم في عملِه تنحو إلى التخييل؛ إذ لا يكتفي بما هو حقيقي. ففي الرواية التاريخية هناك خطّان شائعان عادةً، الأوّل يُرصَد فيه الخبر التاريخي في إطارِه المرجعي، والثاني تدخل شخصيّات جديدة ليست حقيقة بالضرورة، وإن تكثّفت فيها كلّ الشروط أو المُبرّرات السردية، وهذا ما  ينطبق على رستم النسّاخ؛ بطل الرواية الذي تُقدِّم قصّة حبّه لزمرّد دافعاً متيناً تنهضُ عليه الحكاية.

رائحة التفّاح - القسم الثقافي

وبما أنّ اسم سيبويه قد ارتبطَ تاريخياً باسم مُعلّمه الخليل بن أحمد الفراهيدي، فهذا الأخير يحضرُ بدوره في الرواية، لا بل إنّ هذه الشخصية يتمحورُ دورُها الوظيفي في تحقيق كشف واسع لمجريات ووقائع تاريخية وسياسيّة كثيرة شهدتها تلك المرحلة، والتنافس بين مدرسَتي "الكوفة" و"البصرة" بوصفهما نسقين معرفيين تأصيليين للنحو العربي.

يستند الجاسم في روايته على خلفية أكاديمية بوصفه أستاذاَ للغة العربية في "جامعة قطر"، وبهذا يبتعد بالعمل عن الارتجال، محاولاً أن يحقّق شرطاً معرفياً دون أن يتخلّى عن البحث في الأبعاد الجمالية التي حضرت في أعمالٍ سابقة له مثل "نزوح مريم" (2016)، "ومزار محيي الدين" (2017).

المساهمون