أبعد من الرواية الشهيرة التي تحمل اسمها، تحضر شخصية دون كيشوت باستمرار في العديد من الأعمال الأدبية والمسرحية والسينمائية والفكرية ضمن صيغ كثيرة، ما يشير إلى ثراء بناء هذه الشخصية وإمكانية مناقشة الكثير من القضايا من خلالها.
في عمله "دون كيشوت كما نراه"، يقدّم المخرج الشاذلي العرفاوي صيغة مسرحية تعتمد على استدعاء شخصية دون كيشوت دون استحضار جميع أركان رواية ميغيل دي ثربانتس. أكثر من ذلك يشير تقديم المسرحية إلى أنها غير مقتبسة من رواية ثربانتس بل من رواية مستلهمة عنها كتبها ميخائيل بولغاكوف.
بداية من يوم أمس، تُعرض مسرحية "دون كيشوت كما نراه" في "قطب المسرح والفنون الركحية" في تونس العاصمة. لا يستدعي العرفاوي في مسرحيته إلا الشخصيّتين الرئيسيتين: دون كيشوت وسانشو واللذين يؤدّيهما كل من: عبد القادر بن سعيد ومحمد المنصف العجنقي. تجري الحوارات داخل المسرحية بالعربية الفصحى، وهو خيار بات نادراً في المسرح التونسي خلال السنوات الأخيرة.
على مستوى الخيارات السينوغرافية، يقدّم العمل بعض الاجتهادات، كتعويض الأحصنة بدراجات نارية، كما يجري الاعتماد بشكل مكثّف على الفيديو، وهو ما يقيم علاقة حوار بين النص بخياراته اللغوية ذات النزعة الكلاسكية والمقترحات التكنولوجية.
يُذكر أن العمل قد عُرض أوّل مرة في 2019، غير أن إلغاء العديد من عروضه بسبب انتشار فيروس كورونا العام الماضي مدّد من فترة عرضه، ناهيك عن التلقي الإيجابي للعرض في المهرجانات التي شارك فيها.