"حنبعل": مسرحٌ يُسائل حاضر البلاد

13 اغسطس 2022
(الممثّل عماد الوسلاتي أثناء العرض)
+ الخط -

حضور التاريخ في الدراما وفي الفنون عامّة، من أكثر العناصر التي تلهم الفنّان وتصنع بينه وبين جمهوره صلةً للتخاطُب، فالتاريخ هنا يتحوّل إلى مستودع إشارات، ويكفّ عن كونه إحالة إلى الماضي بقدر ما يبني ذاتَه في الحاضر، وهذا امتحانٌ قلّما ينجح الفنّانون في تطويعه.

حنبعل ليس شخصية تاريخية وحسب، بل هو مزيجٌ من التراث والأسطورة والحكاية الشعبية، وهذا ما حاول تقفّي أثره العملُ المسرحي الذي حمل العنوان نفسه، وقدّمه أوّل أمس الخميس، المسرحي التونسي عماد الوسلاتي ضمن فعاليات "مهرجان دقّة الدولي" الذي يحتضنه المسرح الروماني في مدينة دقّة التونسية وتختتم فعالياته اليوم.

تضافرت في المسرحية عوامل كثيرة ساهمت في طرح صورة جديدة نوعاً ما عن "البطل" (الذي تحدّى روما وجعل من قرطاج قوّة مرهوبة في القرن الثالث قبل الميلاد)، في محاولة لإظهار الشخصية ببُعدها المُركّب، خاصّة أنّ استحضار اسم حنبعل في السياق التونسي يحمل دلالات تراثية ووطنية غالباً، كما لا يمكن إغفال أنّ العمل المسرحي نهلَ من روح المكان وعراقته.

لا يستعيد الفن مفهوم البطولة من عمق التاريخ إلّا ليطرح أسئلةً مُلحّة حول الحاضر، وسيرة حنبعل ليست محصورة بمحاربة العدو، إنّما تحتمل أبعاداً من الصراع داخل البلاد ذاتها. ومفاهيم مثل: القائد المُخلِّص والحُكم الرشيد والإصلاح وعلاقة العسكر بالسلطة، وكلّها أسئلة تحضر بالضرورة، فلأمر أبعد بكثير من سيرة ذاتية وبطولة تاريخية.

اللافت أنّ العمل، في لحظة من اللحظات، يكفّ عن تقديم الإشارات، ليندمج في التاريخ بمعناه التوثيقي، وُهنا يُمكن أن ينفتح قوسٌ من المقارنات بينه وبين الكثير من الأعمال التي تناولت سيرة القائد القرطاجي في المسرح والسينما والوثائقيات، إذ لا تمرّ فترة إلا ونشهد فيها إعادة تكوين لتلك الملحمة بإسقاطات جديدة، وقراءات من زوايا مختلفة.

الجدير بالذكر أنّ النصّ من توقيع المؤلّف الهادي ثابت، واشترك في التمثيل كلّ من: جلال الدين السعدي، ودليلة مفتاحي، وفتحي الذهيبي، ومحمد علي بالحارث، وعايدة فارح، ومعز حمزة، وعلي بن سالم، وصابر السعيدي، وبشير المناعي، ولطفي الناجح، أمّا التأليف الموسيقي فللفنّان لوناس خليجان.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون