هناك سؤال يتكرّر في الثقافة العربية؛ لماذا لا تنجح بعض أشكال الكتابة في فرض اعتراف شامل، جماهيري ونخبوي في الآن نفسه؟ يُطرح هذا السؤال بالخصوص على أنماط مثل الرواية والبوليسية والخيال العلمي ورواية الفانتازيا، وهي قطاعات تغيب على مستوى المتابعة الإعلامية ومنظومة الجوائز الأدبية والانشغالات الأكاديمية للباحثين.
وباستثناء بعض السلاسل الشهيرة التي ظهرت في مصر خلال النصف الثاني من القرن الماضي مثل القصص البوليسية التي قدّمها محمود سالم بعنوان "المغامرون الخمسة، وروايات الخيال العلمي التي حملت عنوان "ملفّ المستقبل" لـ نبيل فاروق، فإن الحصيلة العربية تبدو هزيلة للغاية.
رغم ذلك، نجد من حين إلى آخر محاولات للاستثمار في هذه المساحات الأدبية المنسيّة، من ذلك تجربة دار النشر التونسية "بوب ليبريس" بالاشتغال على كتب الجيب في محاولة تأسيس تقاليد تأليف وقراءة لأشكال مثل الخيال العلمي ورواية الغموض.
إضافة إلى تقديم مقاربات جديدة في الكتابة، فإن دار النشر التونسية تقترح طرق وصول مختلفة إلى الجمهور، من ذلك مبادرتها مؤخّراً إلى إهداء كتابين لكلّ مَن ثبتت إصابته بفيروس كورونا، كنوع من المساندة خلال فترة الحجر الصحّي.
لا يخفى البعد الترويجي وراء خطوة "بوب ليبريس"، ولكنّ الفكرة تظلّ حاملة للكثير من البعد الإنساني والطرافة. خطوة لم تفكّر فيها كبريات دور النشر التونسية، ولا حتى الدولة. وإضافة إلى هذا الجانب الدعائي الذي تستفيد منه الدار، فإنها تتيح أيضاً إضاءة عوالم أدبية محكومة بالتهميش منذ عقود.