كشفت جائحة كورونا عمق الأزمة التي تحلّ بصناعة الكتاب العربية، وبرزت مظاهرها في مستويات عدّة قيل انتشار فيروس كوفيد – 19 منذ أكثر من عام وبعده، حيث لا توجد لليوم مؤسّسة واحدة توزّع الكتب في جميع بلدان العالم العربي، كما لم تتكرّس حقوق المؤلّف التي لا تزال رهينة علاقة مباشرة مع الناشر، في ظلّ غياب الوكيل الأدبي.
يضاف إلى ذلك غياب الرقمنة عن قطاع النشر الذي انكمش إلى الثلث أو الربع في حجم إيرداته خلال العام الماضي قياساً بسنة 2019، ما يدفع إلى تغيّر آليات التوزيع والتسويق، مثلما تراهن الدورة الأولى من "المعرض الافتراضي للكتاب الجامعي" التي انطلقت فعالياتها في الرباط عند الرابعة من مساء اليوم الثلاثاء وتتواصل حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري.
المعرض الذي ينظّمه قطاع التعليم العالي بالتعاون مع وزارة الثقافة، و"المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية"، و"أكاديمية المملكة االمغربية"، و"المركز الوطني للبحث العلمي والتقني"، يتضمّن برنامجاً ثقافياً يُفتتح اليوم بمحاضرة لعالم الاجتماع الفرنسي إدغار موران (1921) تحت عنوان "الدور المحوري للكتاب في الثقافة"، والذي يتقاطع مع تنظيراته المتراكمة حول دور المعرفة في التنشئة والتربية، وكيفية تنظيمها وإدماجها في عملية التنمية.
تقام مساء اليوم مائدة مستديرة يناقش المشاركون فيها اللغات والبحث العلمي بالمغرب
يحتوي المعرض تسعمائة كتاب جامعي جديد، ومئة مجلة إلكترونية مغربية جامعية في مختلف الحقول الأكاديمية، بالإضافة إلى إتاحة روابط تُعرّف بالمكتبة الرقمية التي أطلقتها الوزارة وتمّ تثبيتها في الخزانة الجامعية بـ"جامعة ابن طفيل" على أساس تعميمها على باقي الجامعات.
وتقام اليوم أيضاً مائدة مستديرة بعنوان "اللغات والبحث العلمي بالمغرب" تطرح مجموعة من التساؤلات، ومنها: ألا يمكن اللجوء إلى حركةٍ ترجميّة وطنية واسعة النطاق من أجل الوصول إلى المجلّات المصنفة دولياً؟ وألا يجب تكوين طلبة الدكتوراه والأساتذة الباحثين على أساليب التحرير العلمي وبلاغته؟ يتحدّث خلال هذه المائدة الباحثون عبد الواحد مبرور، وخليل امغرفاوي، وسناء غواتي، وعبد الحميد ابن الفاروق، ومحمد أنفلوس.
ويشتمل البرنامج على محاضرات وندوات أخرى منها "البحث والإبداع والنشر" لـ أحمد بوكوس، و"رهانات الثقافة والتنمية في المغرب من خلال إسهامات الكتاب الجامعي في حقل العلوم الإنسانية والاجتماعية" لـ عبد الرحمن طنكول، و"الكتب الرقمية ومستقبل المكتبات" لـ طوني رايلي، و"الرقمنة ودعم البحث العلمي: حالة المركز الوطني للبحث العلمي والتقني" لـ جميلة العلمي، ولقاء بعنوان "التاريخ والعلوم الاجتماعية" مع الباحث وأستاذ التاريخ المصطفى بوعزيز.
إلى جانب تنظيم سبع موائد مستديرة يجتمع فيها المشاركون حول المواضيع التالية: "البحث العلمي في العلوم الإنسانية والاجتماعية"، و"العلاقات الجديدة بالمعرفة في عصر الرقمنة والأوبئة" ،و"البحث والإبداع؛"، و"النشر في العلوم الإنسانية بالمغرب"، و"الصحة من منظور العلوم الإنسانية والاجتماعية"، و"العلوم الإنسانية والعلوم الحقّة: أي تقارب بين مختلف الاختصاصات؟".