يسعى "قطاع الفنون التشكيلية" في القاهرة، في النسخة الأولى من معرض "المشهد"، إلى تقديم صورة شاملة حول اتجاهات الفن المصري، وتطوّر رؤاه وتقنياته عبر أجيال مختلفة، لذلك تمّ اختيار عنوانه ليدلّ على تفاصيل المشهد التشكيلي في البلاد.
لكنّ غاية المعرض، الذي افتُتح مساء الرابع عشر من الشهر الجاري في "مجمع الفنون ـ قصر عائشة فهمي" بالعاصمة المصرية، تبدو غير واضحة، مع الإعلان عن عرض حوالي تسعين عملاً تمثّل مجالات مختلفة مثل الرسم والنحت والخزف والغرافيك والحفر والطباعة وأعمال التحريك.
لا يقدّم المنظّمون دوافع اختيار الأسماء المشاركة في المعرض الذي يتواصل حتى الرابع عشر من أيار/ مايو المقبل، وإن كان العديد منها أصحاب تجارب لافتة في التشكيل المصري، ولا يفسّر السياقات الزمانية والمكانية والموضوعاتية لأعمالهم.
يفتقد المعرض إلى وجود قيّم أو قيمين يضعون رؤية واضحة وراء اختيار الأعمال المشاركة
ورغم أن تقديم التظاهرة يشير إلى أنها تهدف "إلى تكوين صورة واضحة المعالم عن الحركة التشكيلية المعاصرة بكافّة مدارسها"، إلّا أنه هدفٌ ملتبس مع عرض أعمال للفنان جورج بهجوري (1932)، والتي لا يمكن وضعها ضمن اتّجاه محدّد أو جيل معين في الفن المصري، لأنها تحمل أسلوباً خاصّاً لصاحبها الذي يختبر مساحة بين الرسم والكاريكاتير.
ويحضر من جيل آخر، الفنان عبد الوهاب عبد المحسن (1951) الذي تشكّل مفردات الطبيعة التكوين الأساسي للوحته، والتي استمّدها من مدينته كفر الشيخ شمال العاصمة المصرية، في أسلوب ينزع إلى التجريد غالباً، إلى جانب أعمال الفنان عادل ثروت (1966) التي تتناول الطقوس الشعبية وعلاقتها بالعمارة والتصاميم والنقوش والرسوم والأرابيسك والزخرفة منذ الحضارة الفرعونية، وصولاً إلى القاهرة القديمة بتراثها الإسلامي، وهو موضوع يتكرّر لدى عشرات الفنانين المصريين.
"المشهد" الذي أُعلن أنه نواة لسلسلة المعارض التي تحمل العنوان نفسه، ومن المقرّر إقامتها بشكل دوري لتوثيق تطوّر الأساليب والتوجهات الفكرية في فنون مصر، يتضمّن لوحات وتركيبات كولاج للفنّان عماد أبو زيد (1965)، التي تحاكي رسومات الكهوف البدائية مثل الأيائل والغزلان إلى جانب الرموز والطلاسم.
من التجارب اللافتة في المعرض أعمال التحريك للفنّان خالد حافظ (1963) التي قدّمها على مدار ثلاثة عقود، وتتضمّن انتقاداته للصورة التي يجري اختطافها في إعلانات الموضة والثقافة الصحّية ضمن سياق كامل من "الأساطير الرأسمالية"، كما يُطلق عليها.
يفتقد المعرض إلى وجود قيّم أو قيّمين يضعون رؤية واضحة وراء اختيار الأعمال المشاركة وما يجمعها أو يفرّقها من مواضيع أو تقنيّات أو اتّجاهات، وما يربطها بالمتغيّرات الاجتماعية والسياسية والثقافية، وما يبرّر أيضاً تنظيم عدّة معارض مقبلة في السياق نفسه.