قبل أيّام، وجّه عددٌ من المسرحيّين التونسيّين رسالةً مفتوحةً إلى الرئيس التونسي دعوه فيها إلى "إنقاذ المسرح الوطني، عبر تعيين مدير عام من الكفاءات المسرحية حسب ما يمليه القانون الأساسي لهذه المؤسَّسة، ووفق معيار الكفاءة والمشروع الفكري والجمال".
وانتقد عشراتٌ من المسرحيّين، الذين وقّعوا على الرسالة، ما سمّوه "سياسات المماطلة والتلاعُب التي يشهدها ملفّ تعيين مدير عام"، و"اللجوء إلى تكليف مشبوه في المدّة الأخيرة كحلّ ترقيعي للإيهام بالسير العادي لها".
وجاءت الدعوةُ بعد مرور قرابة سنتَين مِن مغادرة المؤلّف والمُخرج المسرحيّ فاضل الجعايبي منصبه كمديرٍ لـ"المسرح الوطني التونسي"، والذي عُيّن فيه عام 2014، تاركاً للكاتبة العامّة فيها، إيمان صفر، مهمّة إدارة شؤونها بالنيابة.
وترك هذا الفراغُ الإداري، الذي تزامن مع انتشار جائحة كورونا ثمّ تقلُّبات الوضع السياسي، أثره على نشاطات "المسرح الوطني التونسي" الذي دخل حالة غير مسبوقة من الركود والشلل، مع تأخُّر وزارة الثقافة في تسمية مسؤول جديد على رأس المؤسّسة التي تُعدّ الجهة الرئيسية المنتجة للمسرح في البلاد.
وكانت الوزارة قد أعلنت في حزيران/ يونيو 2020، أي قبل ستّة أشهر من نهاية ولاية الجعايبي، عن فتح باب الترشيحات لمنصب المدير العام، وهي المرّة الأُولى التي يجري فيها اللجوء إلى هذا الخيار، بدل التعيين المباشر.
واشترطت الوزارة مجموعةً من الشروط، مثل "أن يكون المترشّح مسرحياً مِن ذوي الخبرة والصيت، وله كفاءةٌ مشهود بها في ميدان المسرح والفنون الدرامية والركحية وإدارة المشاريع المسرحية والفنّية"، وأن يُقدّم "تصوُّراً حول دعم إنجازات المؤسَّسة وسبل تطوير مكاسبها".
ورغم إعلان سبعة مسرحيّين ترشّحهم للمنصب، هُم حمّادي الوهايبي، ومعز مرابط، ومنير العرقي، وسامي النصري، وحسن المؤذن، وشكري علية، وحافظ الجديدي، فإنّ الوزارة لم تختر أيّاً منهم، كما ظلّت صامتة، طيلة سنتين، عن الملفّ.
ومع حالة التململ في المشهد المسرحي، والتي عبّرت عنها رسالة المسرحيّين، أعلنت الوزارة، مؤخّراً، عن فتح باب الترشُّح مُجدّداً للمنصب، بسبب ما سمّته "عدم استيفاء الشروط لدى المترشّحين في البلاغ السابق"، مشيرةً إلى أنّ للتأخُّر في حسم مسألة تسمية مدير جديد علاقةٌ بـ"ما عاشه القطاع الثقافي لاحقاً من أحداث ظرفية جرّاء انتشار فيروس كورونا".
وحدّد الإعلان يوم التاسع من أيلول/ سبتمبر المقبل كآخر أجل للترشُّح، مُجدّداً الشروط السابقة، والتي رأى فيها مسرحيّون عودةً إلى "منطق التعيين".