"المرأة في النافذة": مَن ينظر إلى مَن

21 يونيو 2022
مقطع من لوحة "أمرأة تعزف الكلافيكورد" لـ جيرار دو، 1655 (من المعرض)
+ الخط -

في عام 900 قبل الميلاد، نحَت فنّان فينيقي وجه خادمة المعبد (في الحضارات القديمة) على قطعة من العاج، وهي تحدّق في النافذة بنظرة مباغتة ومتحدّية تُجبر المرء على الرجوع إلى الوراء لمُشاهدتها؛ اللقطة التي ظلّت تغوي الرسّامين على مدار التاريخ.

مشهدٌ تعدّدت تأويلاته الرمزية التي تتعلّق باحتياج الإنسان إلى الضوء كما تشير النصوص السومرية التي تناولت حادثة الطوفان، وكذلك بالتواصل مع الآخر المرتبط بفكرة الانتقال والعبور في المكان، أو بالانتظار والتأمّل في كوّة تنفتح على العالم، أو ربما تشكّل مرآة يُنظر من خلالها إلى الذات.

حتّى الرابع من أيلول/ سبتمبر المقبل، يتواصل في "Dulwich picture gallery" بلندن معرض "إعادة صياغة الصورة: المرأة في النافذة"، ويضمّ أكثر من خمسين عملاً فنّياً يعود أقدمها إلى الحضارات القديمة، مروراً بعصر النهضة، وصولاً إلى يومنا هذا.

يتتبّع المعرض الذي نسّقته مؤرّخة الفنّ الكبيرة جينيفر سليوكا، المعنى الخاص الذي اكتسبته تلك الصورة في ثقافات مختلفة، ويسلّط الضوء على مفاهيم الرؤية والجندر والتلصّص؛ من خلال أعمال تتنوّع بين النحت والرسم والطباعة والتصوير الفوتوغرافي والأفلام وفن التركيب.

ويشير المنظّمون إلى أهمية النظر إلى فكرة فنّية تقليدية، وكيف أنّ الاقتران البسيط بين شخصية أنثوية والضوء، من خلال الزجاج، يجعل المُشاهِد دخيلاً أو شاهداً أو عاشقاً أو متلصّصاً، رغم اختلاف موقع الفنّانين الذين تمّ اختيار أعمالهم جغرافياً وثقافياً وحضارياً.

لقطة أغوت الرسّامين على مدار التاريخ بتأويلاتها المتعدّدة

اللوحة الأولى في المعرض تلك التي رسمها رامبرانت عام 1645 بعنوان "فتاة من النافذة"، حيث يبدو الضوء فيها، وكأنّه آتٍ من شموع ومشاعل تتوزّع فضاءها، وتظهر الفتاة فيها بمظهر طفولي كما لو كانت تبتسم، لكنّ هيئتها البسيطة جعلتها أقرب إلى الفلّاحات البسيطات، وهي ثيمة سيطرت على "العصر الذهبي" كما يسمّى في هولندا، حيث المَيل إلى رسم الناس البسطاء في أشغالهم اليومية.

في عمله الذي يحمل العنوان نفسه، يرسم إدغار ديغا عام 1871 صورة هي الأكثر غموضاً لامرأة يأتي الضوء من ورائها نحو النافذة، حيث الظلال على وجهها الذي يذكّر بمالك الحزين، في نظرة مستحكِمة تجعل المتلقي مشدوهاً تجاه ما تفكّر فيه وتشعر به.

كما يُعرض تمثال من الحجر الجيري بعنوان "سانت أفيا: المرأة المسجونة" يعود إلى النصف الثاني من القرن الخامس عشر، ويجسّد القديسة التي قُتلت في صقلية في السجن بسبب تمسّكها بمعتقداتها المسيحية، وتصوّر فنّ العصور الوسطى في تمثيل الشخصيات المعذَّبة ذات البعد الأسطوري.

إلى جانب ذلك، يشاهد الزائر أعمالاً أخرى مثل "امرأة تعزف الكلافيكورد" للفنان جيرار دو، و"سمائي الزرقاء" للفنانة لويز بورغوا، و"البرج له نافذة واحدة" للفنان ديفيد هوكني، و"فتيات من نافذة" للفنان هوارد هودغكينز، و"امرأة عند النافذة" للفنان بابلو بيكاسو، و"حب الأب" للفنان الفوتوغرافي سيمران جانجوا، و"امرأة تقرأ أمر الحيازة" للفنان توم هنتر.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون