مونديال قطر: الحلم العربي
لا تزال الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج تُمنّي النفس بتألّق منتخبات بلادها وبلوغها أدواراً متقدمة من البطولة الأهم، كروياً، ورياضياً، وجماهيرياً، على الصعيد العالمي.
لم يعد يفصلنا سوى أيام عن انطلاق كأس العالم قطر 2022 يوم 20 نوفمبر/ تشرين الثاني، بمشاركة أربع منتخبات عربية، هي قطر الدولة المستضيفة، والسعودية عن قارة آسيا، والمغرب وتونس عن قارة أفريقيا.
وستحمل هذه المنتخبات الأربعة على عاتقها أحلام قرابة 460 مليون عربي يطمحون إلى تجاوز عقدة الدور الثاني، بل (ولم لا؟) الذهاب بعيداً في هذه المسابقة التي لطالما أُقصيت المنتخبات العربية منذ أدوارها الأولى، وأبكت جماهيرها كثيرا.
وبالعودة إلى تاريخ المشاركات العربية في البطولة، نحصي إخفاقات عديدة طُبعت في أذهاننا، فلم يسبق لأيّ منتخب عربي أن تخطّى الدور الثاني.
ومن جملة 25 مشاركة توّزعت على ثمانية منتخبات عربية من أصل 22 دولة، لم تنجح إلا ثلاثة منتخبات فقط في ثلاث مناسبات في تخطّي الدور الأول، وهي منتخبات المغرب سنة 1986 والسعودية سنة 1994 والجزائر في 2014.
ومن أصل 76 مباراة خاضتها المنتخبات العربية على امتداد تاريخ مشاركاتها في كأس العالم لم تحقّق الانتصار إلا في 11 مناسبة فقط.
رغم الإخفاقات الكثيرة للمنتخبات العربية في هذه المسابقة، إلا أنها نجحت في عدد من المرّات في تحقيق نتائج مشرفة، وكسبت احترام الجمهور الرياضي العالمي، ولا تزال ذاكرتنا تحتفظ ببعض المباريات المثيرة التي خاضتها المنتخبات العربية في كأس العالم، منها ملحمة الأرجنتين سنة 1978، عندما انتصر الفريق التونسي على المكسيك 1/3 ، أو عندما فازت المغرب على البرتغال 1/3 في نسخة 1986.
استفادت منتخبات عرب أفريقيا من اللاعبين آلذين نشأوا وتكوّنوا في فرق أوروبية، وينشطون في أقوى الدوريات هناك
وآخرها دورة البرازيل 2014 حين تجاوزت الجزائر الدور الأول وأحرجت منتخب ألمانيا الفائز بتلك البطولة، وانهزمت أمامه بشق الأنفس 2/1 بعد المرور إلى الأشواط الإضافية.
فعلى الرغم من الهزائم القاسية التي تكبدتها المنتخبات العربية خلال مشاركاتها في كأس العالم، إلا أنها في كثير من المرات لعبت بندية مع منتخبات عتيدة لها تاريخ كبير في هذه المسابقة.
ستخوض المنتخبات العربية الأربعة، ولأوّل مرة منذ تاريخ المسابقة، مباريات كأس العالم على أرض عربية، وستكون مدعومة بعدد غفير من جماهيرها التي ستتواجد بكثافة في الملاعب القطرية لمؤازرة منتخباتها.
علاوة على ذلك، استفادت بلدان المشرق العربي، منها قطر والسعودية، في السنوات الأخيرة من تطوّر البنية التحتية للملاعب، ونجحت في استقطاب عدد كبير من اللاعبين الكبار على الصعيد العالمي، ما مكنها من تقوية بطولاتها وفرقها التي تنافس بقوة على التتويجات القارية بقارة آسيا، وهو ما انعكس بدوره على تحسّن مستوى منتخباتها، لعل أبرزها منتخب قطر بطل كأس آسيا 2019، والذي سيخوض المنافسات على أرضه وأمام جماهيره.
ومن جهة أخرى، استفادت منتخبات عرب أفريقيا من اللاعبين آلذين نشأوا وتكوّنوا في فرق أوروبية، وينشطون في أقوى الدوريات هناك، أو ما يطلق عليهم اللاعبون مزدوجو الجنسية، والذين اختاروا اللعب لصالح هذه المنتخبات العربية ما ساهم في تطوّرها.
إنّ هذه المعطيات مجتمعة، بدءاً من المشاركات المشرّفة للمنتخبات العربية في كأس العالم، مرورا بنجاحها في استقطاب لاعبين ينشطون في أقوى الدوريات الأوروبية، وصولاً لعامل الأرض والجمهور (بما أنّ هذه النسخة ستقام على أرض عربية)، ما يبشّر بإمكانية تحقيق إنجاز تاريخي للمنتخبات العربية في هذه الدورة، بما يمنحنا الأمل بوصول بعض المنتخبات العربية لأدوار متقدّمة ويبقى الحلم العربي ممكناً.