محمد علي فريكة: الحق على جدي

15 ابريل 2017
+ الخط -
محمد علي فريكة، كما علمتم، واحدٌ من صنف الساخرين الكبار، تمشي السخرية في شرايينه وأوردته مع الدم، فإذا لم يجد أمامه شخصاً يستحق أن يسخر منه سرعان ما يسخر من نفسه، على طريقة الحطيئة، ومن أسرته ومن أقرب المقربين إليه! 

ذات مرة، على سبيل المثال، تشاجر ابنُه عادل مع فتى من أقرانه يدعى سمير، وضربه ضرباً مبرحاً، فذهب سمير إلى أبيه باكياً، وحدثه بما جرى، فغضب أبو سمير وذهب إلى محمد علي، وكان وجهه ينقط سمّاً، وقال له من دون سلام أو تحية: 

- اسمع يا محمد علي، هذا ابنك عادل قليل تربية، وإذا أنت لم تبادر إلى تربيته فأنا مستعد أن أربيه.

ضحك محمد علي حتى كاد يقع على قفاه، وقال للرجل:

- المسألة تؤخذ بالعقل يا أبو سمير، كيف يكون إبني مربى إذا كنت أنا غير مربى؟!

انفلت أبو سمير بالضحك غصباً عنه وقال لمحمد علي:

- بشرفي كلامك صحيح!

فقال محمد علي محاولاً إعطاء حديثه طابع الجد:

- الحقيقة يا أخي أبو سمير، الحق كله على جَدي، قصدي أبوها لأمي. كان قراره خاطئاً إلى أبعد الحدود.

قال أبو سمير: أي قرار؟

قال محمد علي: قراره بتزويج أمي لأبي. الله يرحمه، الآن ما عادت تجوز عليه غير الرحمة، لو أنه تركها في بيته وأطعمها من الموجود لكانت القصة انتهت بسلام.

دهش أبو سمير وقال: أية قصة؟

فقال محمد علي مفنداً الكلام كلمة كلمة:

- لو أن المرحوم جدي منع أمي من الزواج واحتفظ بها عنده، وأطعمها من الموجود، لما كنت أنا أتيتُ إلى الدنيا، وما كنتُ تزوجت وخلفت هذه الكركبة الموجودة عندي في البيت!   

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سيرة مسلسلة- يتبع

خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...