لا تأكل من شجرة الكرز يا نبهان (2)
ذهب الحاج صطيف البرغوتي، والدُ الشاب (العاقل المجنون) نبهان، الملقب "طَقّ مْصَدّ"، لزيارة مدير الناحية "أبو عمر" بقصد التوسط له بعدما ألقت الشرطة القبض عليه بتهمة الاعتداء على حرمة دار عمه، ودخوله الحديقة، وتهشيم الأشجار المثمرة، وبالأخص شجرة الكرز.
مدير الناحية رحب ببكار والحاج صطيف، وقال لبكار:
- أنت يا أبو كرم بتمون، وأنا بكون في غاية السعادة لما بتطلب مني شغلة وأنا بقدر أساعدك فيها.
وطلب من رئيس المخفر أن يحضر له الضبط الذي دُونت فيه وقائع الحادثة وتفاصيلها.
عندما حضر رئيس المخفر ووضع الضبط أمامه، بدأ بالقراءة، وبدأت علامات الدهشة ترتسم على وجهه، حتى إنه أطلق صفرة بفمه، على نحو لا إرادي.
الحاج صطيف: خير يا حضرة الضابط؟ أشو في؟
أبو عمر: ما بتعرف شو في؟ هادا إبنك خارب الدنيا، فَشّ قفل، وخلع باب، وتكسير أشجار بالعصي.. شو فاتح جبهة في حديقة عمه؟
وقال لرئيس المخفر:
- حطوا نبهان في مكان كويس، ولا تخلي حدا يضربه أو يهينه، فَهِّمْ عناصرك إنه هادا من طرفي.
خرج رئيس المخفر بعدما أدى التحية. قال مخاطباً بكار:
- نحن واجبنا إني نحيل الضبط للقاضي. بس إذا كلياتنا مفكرين نساعد الشاب في خطوة لا بد منها لازم نعملها.
الحاج صطيف: نحن جاهزين حضرة الضابط. أشو هيي الخطوة؟
أبو عمر: لازم يجي شقيقك فاضل البرغوتي ويسقط حقه الشخصي عن ابنك. غير هيك ما فينا نعمل شي. ويا ريت حضرتك، يا عمنا المحترم، تكسب الوقت وتروح هلق دغري ع القرية، تجيب أخوك وترجع لهون. معك سيارة؟
بكار: أنا معي بيكآب، فيني أوصله.
أبو عمر: لأ، إنته خليك هون، بدي منك شغلة. أنا ببعت الأخ أبو نبهان بسيارتي.
أبو الجود: كان أبو عمر، بهداكا اليوم، متواعد مع قاضي معرتمصرين الجديد الأستاذ أيمن، طلب من بكار يبقى عنده حتى ياخده مع ع السهرة. بكار تحمس وقال:
- ضروري نتعرف ع القاضي، لأن اللي بيكون عنده مجموعة متل اللي عندي بيحتاج القاضي كتير. وإذا ما عندك مانع أنا بكرة بعمل لكم وليمة عندي في الدار إنته وهوي ورئيس البلدية.
وقبلما يطلعوا من مقر الناحية خطرت لبكار فكرة ذكية. طلب من أبو عمر إنه ياخد ضبط الشرطة الخاص بنبهان، وخلال زيارة القاضي أيمن بيطلعوه عليه وبياخدوا رأيه بالقضية. وهادا الشي صار بالفعل، بعدما تعرفوا ع القاضي أيمن، طلب منه مدير الناحية إنه يقرا الضبط، ولما بلش يقرا صارت علامات الاستغراب ترتسم على وجهه، وبعد شوي صار يصفر من كتر ما اندهش. سأله بكار:
- ممكن نعرف هاي الحادثة لوين بتودي من الناحية القانونية يا أستاذ أيمن؟
أيمن: لو كان باب الحديقة مفتوح ودخل المتهم نبهان وسرق من الثمار وطلع من دون ما يتسبب بأذى كانت السرقة بتتسجل في خانة الجنحة، ولكن مع التخطيط للاقتحام، واستعمال الأدوات في كسر القفل وخلع الباب، وبعدها ضرب الأشجار بالعصاية هاي بيسموها "سرقة موصوفة"، جنائية الوصف، والحكم تبعها بحسب المادتين 621 و622 من قانون العقوبات ممكن يوصل لسبع سنين.
أم زاهر: ما عرفنا السر اللي بيخلي الحاج فاضل خايف على شجرة الكرز كل هالقد
أبو الجود: بكار، لما سمع هالكلام، انخطف لونه، وشعر بأنه قضية نبهان إذا ما تداركها ممكن يروح فيها هالشاب المحترم نبهان، اللي كان على وشك يتخلص من المرحلة السابقة من حياته ويدخل في مرحلة جديدة. وطلب من الأستاذ أيمن، بعدما حكى له قصة نبهان من طأطأ للسلام عليكم، أن يوقف معهم ويساعدهم بهالعمل الإنساني. وأيمن وعدهم إنه يبذل جهده بحل المشكلة، لكنه أكد على فكرة مدير الناحية بأن الشي اللي لا بد منه هوي إسقاط الحق الشخصي من قبل فاضل البرغوتي.
أبو ماهر: قسماً بالله يا أبو الجود إنك معلم برواية القصص.
أبو الجود: ماني عرفان وين المعلمية إذا كنت عم بحكي لكم القصة متلما حكى لي ياها بكار. المهم بقى سيدي، خلونا نرجع لعند الحاج صطيف البرغوتي، لما نصحه مدير الناحية بأنه يجيب شقيقه الحاج فاضل منشان يسقط حقه عن نبهان، راح، في السيارة اللي خصص له ياها مدير الناحية، ع القرية، بتعرف يا عمي أبو محمد أشو بيقولوا "المسخرجية" بهيك حالات؟
أبو محمد: أشو؟
أبو الجود: بيقولوا راح وهوي متزنر بقضامة أريحا. يعني متوقع إنه أخوه راح يلاقيه بـ أهلا وسهلا ومية السلامة، ولما يطلب منه يسقط حقه راح يركض ركض ع المخفر ويمضي على محضر إسقاط الحق، ويطلع بسرعة البرق.
حنان: حلو هالوصف.
أبو الجود: الله يحلي أيامك يا ست حنان، ويخلي لك زوجك الأديب كمال. يا ستي لما راح الحاج صطيف لعند أخوه (وهوي متزنر بقضامة أريحا)، وشرح له إنه إبنه نبهان وضعه صعب، وممكن يروح فيها.
ضحك الحاج فاضل وقال له:
- الله يبشرك بالخير يا خاي، وأنا والله هلق انبسطت كتير، بس بتعرف أيمت كنت بنبسط أكتر؟
الحاج صطيف: أيمت؟
الحاج فاضل: بنبسط أكتر إذا بياخد حكم بالإعدام.
ولما شاف أنه أخوه زعل من كلامه قال:
- إشبك خاي حاج صطيف؟ أنا بعرف أنك بتمشي هالحق وما بتحب السلبطة.
الحاج صطيف: أينا حق وأينا سلبطة إنته التاني؟ عم قلك إنه ابن أخوك ممكن ينضر ويتآذى من تحت راس الشي اللي عملته إنته..
الحاج فاضل: ممكن ينضر. هوي ممكن ينضر، أما أنا انضريت فعلاً. كسر لي قفل باب الحديقة، حقه مصاري، وقص الشريط المانع، كمان حقه مصاري، وخرب الحديقة، وروح شجرة الكرز. وأنا نبهته من قبل وقلت له إذا بتاكل كل ثمار الحديقة صحتين على قلبك. بس على شجرة الكرز لا تقرب. وهوي مو بس قرب عليها، كسرها تكسير، الله يكسر إيديه بجاه الحبيب.
أم زاهر: ما عرفنا السر اللي بيخلي الحاج فاضل خايف على شجرة الكرز كل هالقد.
أبو الجود: كل شي بوقته كويس يا أم زاهر.
(للقصة تتمة)