كيف تضمن فشلك كمخرج؟!

08 يونيو 2022
+ الخط -

ربما اعتقد البعض أن مهنة المخرج من المهن السهلة، أو بما أنها معتمدة على الإبداع فتكون بالتالي مهنة من يمتلك ذهناً صافياً وأفكاراً مبدعة وفقط؛ ولكن في حقيقة الأمر هي ليست كذلك، هي مهنة شاقة ذهنياً وبدنياً؛ فالمخرج الناجح لا يصبح مخرجاً لمجرد أنه أراد ذلك؛ ولا يولد مبدعاً وارثاً الفن إن كان من عائلة فنية. لذلك، نستعرض معاً في هذه التدوينة بعض النقاط التي قد تقضي على نجاحك في مهده لو كنت تريد أن تصبح مخرجاً ناجحاً.

لا تسمع، اعتمد على أفكارك فقط

بما أن الفيلم السينمائي عمل جماعي، فيتمتع المخرج المبدع بأذنين مصغيتين يلتقط بهما الأفكار ممن حوله، فكلما كان فريقك متنوع الخلفيات والثقافات، زاد تنوع الأفكار التي تحيط بك، وبالتالي زاد منتجك الفني عمقاً وإبداعاً. أما إن كنت مخرجاً متفرداً برأيه ولا يستمع إلى الآخرين، فستكون أعمالك الفنية قطعاً أحادية اللون والفكر؛ ولذلك مهما كانت الفكرة التي يقترحها عليك أحد أفراد فريقك، ومهما كان دوره بسيطاً أو ضئيلاً، عليك أن تنصت إلى هذه الفكرة، وتناولها بموضوعية قبل أن ترفضها أو تنفذها.

لا تتكلم، يفهمونك من دون كلام

من أخطر الأشياء المسببة للمشاكل في حياتنا العملية بشكل عام، وفي العمل الجماعي بشكل خاص، عدم التواصل، أو التواصل بشكل غير مفهوم، فلكل منا لغته الخاصة ومصطلحاته الخاصة التي تراكمت في ثقافته على مرّ تجاربه الحياتية والعملية، ومنها صنع لغة لنفسه يتواصل بها مع الآخرين، فإما أن يفهمهم ويفهموه، وإما أن يفشل في إيصال فكرته إلى فريق العمل معه، ومن هنا يكون قد بدأ في ركوب سلم الفشل هبوطاً.

أما المخرج قليل الكلام، فهو واحد من اثنين: إما معه فريق من المتخصصين الذين اعتادوا العمل معه -وهذه قلة نادرة- أو مخرج لا يستطيع التعبير عما بداخله من أفكار. هذا المخرج مصيره حتماً الفشل مهما امتلك من رؤية قوية وعميقة للعمل الذي يقوم به، لأنها تظل بداخله ولا يراها المشاهد.

إن زادت هذه الثوابت بشكل مبالغ فيه، وتخطت كونها أفكارا شخصية أو قيم نعيش من أجلها، وأصبحت عوائق تعرقل عملنا، هنا يبأ الفشل

تحرك سريعاً

المخرج فنان كباقي الفنانين؛ كلما كان ثابت الخطى، كانت أعماله قوية ومؤثرة. هل رأيت فناناً تشكيلياً يجري أو يقفز وهو يرسم لوحة من الزيت؟ أو نحاتاً بيد مرتعشة؟ كذلك المخرج، يجب أن يتمتع ببعض من الهدوء ليساعده على التفكير والتخطيط لعمله جيداً.

عش مع ثوابتك

كلنا نمتلك ثوابت فكرية داخل عقولنا، ولكن إن زادت هذه الثوابت بشكل مبالغ فيه، وتخطت كونها أفكاراً شخصية أو قيماً نعيش من أجلها، وأصبحت عوائق تعرقل عملنا، هنا يبدأ الفشل، ولا أقصد هنا الضوابط الأخلاقية أو الدينية، بل أقصد القناعات الخاطئة عن مهنة الإخراج التي سرعان ما تتحول إلى قناعات وثوابت فكرية تدمر صاحبها وتصيبه بالشلل.

الحياة قواعد؛ فلا تكسر أي قاعدة

مع بداية رحلتك الفنية كمخرج، سيقولون لك آلاف القواعد في الإخراج، ولو كنت مخرجاً مبتدئاً، فسوف تستسلم لهم مع الأسف دون التمييز بين ما يرتقي لأن يكون قاعدة، وما هو تجربة شخصية نجحت مع شخص، وقد تفشل مع آخر. لا تستسلم لهم يا صديقي، وعش حراً.

ليس عيباً أن تقلد الآخرين

لكل منا مخرج هو مثله الأعلى، بل أب روحي إن شئت، هذا الأب قد يكون مصدر فشلك إن التزمت مدرسته من دون تجديد أو تفكير. المخرج الناجح هو من يضيف مدرسته الخاصة إلى الفن، وليس من يكرر مدرسة من سبقوه، كن مختلفاً عن الآخرين، كن أنت.

التغيير هدف حتى لو كان بلا هدف!

بعد تخرج الطالب من المعهد الفني أو مدرسة السينما، يتملكه شعور قوي بالصياح، لكن صياح المخرج مختلف عن صياح باقي البشر، فصياح المخرج هو أن يخلق شيئاً مميزاً، لكن المشكلة أن معظم المخرجين المبتدئين يصيحون بشكل مزعج، فيضعون كل ما تعلموه في فيلمهم الأول، حتى وإن لم يخدم فكرة الفيلم الذي يصنعونه.

في النهاية

كن مبدعاً ولا تبالِ يا صديقي، فالإبداع هو فقط ما يبقى.

محمد سعد طه .. مصر
محمد سعد طه
مخرج مصري مستقل، تخرج من جامعة القاهرة عام 2006، درس الإخراج السينمائي في القاهرة، و حاصل على ماجستير إدارة أعمال من جامعة اسطنبول أيدن. عمل في العديد من المؤسسات الإعلامية داخل وخارج مصر، وقام بإخراج العديد من الأفلام القصيرة