غاز غزة... إسرائيل كش ملك!
طفت على السطح في الآونة الأخيرة مداولات فلسطينية مصرية لاستخراج الغاز من حقل "غزة مارين" دون التطرّق لاسم اسرائيل في هذه المداولات، على اعتبار أنّ الحقل يقع فعلياً قبالة شواطئ بحر غزة، وفي مياهها الإقليمية.
تمّ اكتشاف الحقل في نهاية التسعينيات من القرن الماضي على بعد أكثر من 36 كيلومتراً من شواطئ غزة، وعلى عمق 650 متراً، وافتتحه الرئيس الراحل ياسر عرفات في شهر سبتمبر/ أيلول عام 2000، وقال حينها جملته المشهورة: "غزة ستتحوّل إلى سنغافورة". لكن هذا الكلام ظلّ رهين القرارات الإسرائيلية، ولم تُستخرج منه نقطة غاز واحدة حتى هذه اللحظة. بل، وإمعاناً في ذلك، دمّرت إسرائيل خلال انتفاضة الأقصى السفينة التي استقلها أبو عمار لافتتاح الحقل. كما دمرت أساسات وقواعد الميناء البحري الذي كانت تنوي السلطة الفلسطينية البدء بتشييده، وهو ما حطّم آمال الفلسطينيين بإنشاء وطن مستقل وغني كباقي الأوطان.
التقديرات الاقتصادية أنّ حقل غزة المعروف باسم "غزة مارين" يحتوي على مخزون ضخم من الغاز يقدّر بأكثر من 32 مليار متر مكعب، وذلك ما دفع إسرائيل إلى الاتفاق مع مصر من أجل حثّها على لعب دور الوسيط في التفاوض مع السلطة الفلسطينية بشأن الغاز.
وبحسب مسؤولين في وزارة الاقتصاد التابعة لحركة حماس في غزة، فإنّ الاتفاق وبنوده ينطويان على ليّ ذراع حماس وإخراجها من الصورة، وترويضها مصرياً كي لا تُفكر في قصف حقول الغاز بالصواريخ، إذا شعرت بأنها لن تستفيد من الكنز البحري.
نفى مسؤولون فلسطينيون أن تكون إسرائيل جزءاً أو طرفاً ثالثاً في المحادثات المصرية الفلسطينية
لكن وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الهرار قالت إنها تلقت طلبات للمضي قدماً في تطوير حقل غزة البحري بناءً على وجود اتفاق بين مصر والسلطة الفلسطينية وإسرائيل بقضية استخراج الغاز، لكنها لم تبيّن تفاصيله بعد، على أن توزّع عائدات الأرباح ما بين السلطة وإسرائيل، وهو ما نفاه لاحقاً مسؤولون فلسطينيون، أي أن تكون إسرائيل جزءاً أو طرفاً ثالثاً في المحادثات المصرية الفلسطينية.
هذه التفاهمات الثنائية تعني أنّ الاستفادة من الغاز ستكون ما بين السلطة الفلسطينية ومصر حصراً لا غير، لأن الفلسطينيين أكدوا أنّ نشر الإعلام الإسرائيلي عن اتفاق مصري فلسطيني إسرائيلي لتطوير حقل الغاز على شواطئ قطاع غزة غير دقيق، بل وهم لا يذكرون الجانب الإسرائيلي في تفاهماتهم مطلقاً، في ظلّ إعلان الحكومة الفلسطينية عن تشكيل لجنة وزارية للمتابعة مع صندوق الاستثمار الفلسطيني، لإتمام اتفاق ما مع مصر لتمويل وتشغيل حقل الغاز، والذي قد ينجز خلال أشهر قليلة، ما سيعود بالنفع الوفير على قطاع غزة، بالإضافة إلى توفير الكهرباء لمدة 24 ساعة بعدما عانى القطاع من انقطاعها لساعات طويلة، ما انعكس تأثيره على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والصحية.
فهل ستعرقل إسرائيل الجهود المصرية الفلسطينية لاستخراج الغاز، أم تستخدمه مستقبلاً كورقة ضغط ضد الفلسطينيين في قطاع غزة تحت معادلة الغاز مقابل الهدوء؟