عن ثأر الزمن ومعنى الوطن ومواضيع الحب
ـ "لهذا السبب صمّم أن يحارب الريح قبل أن تجرؤ على محو الأثر، لأنّ فقدان الأثر سوف يعني فقدان الأمل، وإذا فُقِد الأمل، فسوف يفقد الجمال المعنى فلا يبقى للوطن أي معنى أيضاً! يكفي الأثر بطولة أنه حتى وإن أخفق في أن يقود إلى جنة الجنات المسماة في ألسنة الأمم وطناً، فإنه لن يخذل في أن يقود إلى غنيمة كل مسافر وهي: الماء! كل أثر لا يقود إلى الماء ليس أثراً."
إبراهيم الكوني من رواية (ناقة الله)
ـ "إنّ الزمن له أسلوبه في الثأر بيد أن ثأره مر في أغلب الأحيان، أليس من الخير لنا أن نكف عن أي محاولة للفهم ونسلِّم بالحقيقة الواقعة".
غراهام غرين من رواية (الأميركي الهادئ) ترجمة شوقي جلال ومحمود ماجد
ـ "سترى قريباً أني أملك أسباباً جوهرية لأستقر في شيكاغو، كان بإمكاني الذهاب إلى مكان آخر ـ إلى بالتيمور أو بوسطن ـ لكن الفرق بين المدن هو أشبه بالتنكر السطحي. في شيكاغو لدي عمل عاطفي غير منتهٍ. في بوسطن أو بالتيمور كنت سأفكر يومياً وبانتظام بالمرأة نفسها، بما يمكن أن أقوله لها، أو بِمَ ستجيبني. في كثير من الأحيان يتبين أن "مواضيع الحب" كما أسماها الطب النفسي، لا تزور العقل أو تُنحّى جانباً بسهولة. "المسافة" هي في الحقيقة أمر شكلي، لا يعطي العقل أي ملاحظة حقيقية لها".
من رواية (الفعلي) لـ سول بيلو ترجمة رزان يوسف سلمان
ـ "قال رولاند: أنت أناني، لا تفكر إلا في نفسك ولا تصدق إلا نفسك، ولا تعتبر الآخرين إلا دُمى بين يديك. لطالما كنتَ صريحاً بهذا الشأن، وبدت الأشياء مختلطة بمزاج عبقريتك وببنية عقلك إلى درجة أن المرء يرغب غالباً في أخذ الصالح بالطالح، ويكون ممتناً لأنك لست أسوأ مما أنت، إذا أخذنا بعين الاعتبار موهبتك الهائلة، ولكن إذا آمن المرء بك كما فعلتُ أنا فإنه يدفع ضريبة ذلك الإيمان".
من رواية (رودريك هدَسِن) لـ هنري جيمس ترجمة أسامة منزلجي
ـ "وفي وقت من الأوقات ظننت أنا، بسبب من تربيته الحسنة، وتلك اللمسة الأرستقراطية في مسلكه، هو الدبلوماسي القديم، الرقيق، الذي تؤذيه الكلمة النابية، ظننت أنه لم يكن يعرف هؤلاء الناس الشعبيين الذين كتب عنهم، وليس ابناً لهم، وأن شغفه بتفاصيل هذا المشهد الشعبي ومعاناته له هي معاناة الذواقة المستمتع، وليست معاناة من اكتوى به. استغربت أن يكون كذلك بينما هو في الوقت ذاته، أحد أدق وأرهف الأصوات التي عبرت عنه، ثم تبينّا، بعدما ظننا وتقدم العمر، أن العبرة ليست أبداً في معرفة الناس، ولكن في الإحساس بهم"
إبراهيم أصلان عن يحيى حقي من كتابه البديع (شيء من هذا القبيل)
ـ "هذه التفاهات جُمعت وأعيد نشرها أساساً بقصد تحريرها من التحسينات العديدة التي خضعت لها أثناء دورانها عشوائياً خلال جولات المطبعة، أنا تواق بالطبيعة إلى أن أنشر، إذا ما نُشر، ما أكتبه كما هو. من ناحية ثانية دفاعاً عن ذائقتي الخاصة، يلزم عليّ أن أذكر أنني لا أعتقد أن هذا المجلد يحمل قيمة كبيرة إلى عامة القراء، أو أنه مشرف جداً لي، لقد منعتني الأحداث القاهرة عن أن أقوم، في أي وقت، بأي جهد جاد فيما قد يعتبر مجالاً اختيارياً، في ظل ظروف أفضل، لم يكن الشعر بالنسبة لي غاية، بل هوى، والهوى لا بد لي من توقيره."
إدغار آلان بو من الأعمال الشعرية الكاملة ترجمة غادة الحلواني، مراجعة إدوار الخراط.
ـ "قيل لإياس: ما فيك عيبٌ إلا كثرة الكلام. قال: فتسمعون صواباً أم خطأ؟ قالوا: لا، بل صواباً، قال: فالزيادة من الخير خير".
رواه الجاحظ في (البيان والتبيين).
ـ "بعد اثنتين وعشرين سنة من الخدمة في هذا الحصن؟ ما الذي تبقى من هذا الجندي؟ هل ما زال يُذكر في جزء من أجزاء العالم على أنه موجود؟ هنالك الملايين من الرجال الذين يشبهونه لكنهم لا يرتدون الزي الرسمي، وهم يتنقلون أحرارا في المدينة، على حين يحمل الليل إليهم لذة الانغماس في الفراش أو الذهاب إلى المطاعم أو إلى المسارح؟ لا ما إن تنظر إليه حتى تفهمه جيداً، لقد نسي تماما الرجال الآخرين، لم يذكر وجود أي شيء آخر سوى الحصن بنظامه الكريه، لم يعد يذكر ترونك كيف تدندن الفتيات بأصواتهن العذبة، ولم يعد يذكر كيف هي الحدائق ولا الأنهار ولا الأشجار باستثناء الجنبات النحيلة النادرة التي تحيط بالحصن.
من رواية (صحراء التتار) لـ دينو بوتزاتي، ترجمة معن مصطفى الحسون
ـ "أنا لست رجلا شديد الظُّرف، لا أعرف الكلمة، لطالما أعجبت بالنذل والمجرم وابن العاهرة، لا يعجبني الفتى الحليق ذو ربطة العنق والعمل الجيد، أحب الرجال اليائسين أصحاب الأسنان المكسورة والعقول المحطمة والسبل المعطلة، إنهم يثيرون اهتمامي، هم مفعمون بالمفاجآت والانفجارات، أحب أيضا النساء الحقيرات، عاهرات يشتمن ويسكرن، بجوارب سائبة ووجوه ملطخة بالماسكارا، أهتم بالشواذ أكثر من القديسين، أشعر بالاطمئنان مع المتبطلين، لأنني منهم، لا أحب القوانين والأخلاق والديانات والقواعد، لا أحب أن أكون صنيعة المجتمع".
من (جنوب بلا شمال ـ قصص الحياة المدفونة) لـ تشارلز بوكوفسكي ـ ترجمة أماني لازار
ـ "في خضم هذا كله، خفتت لمسة اللامبالاة المرحة في صوتها. اكتست نبرتها بغلالة جدية، وباتت تكتفي بجمل قصيرة حاسمة لم تتنازل فيها عن سخرية لاذعة صارت أكثر مرارة. نضجت فجأة! علينا أولاً، إعادة تعريف الكلمة. النضج بالنسبة لها يعني انزياح الغمامة من فوق الأعين، استعادة القدرة على الرؤية بلا رتوش ولا خداع. التدرب على قسوة فتح العيون على ما لا يراه الآخرون من خراب، على تفاصيل القبح المتوغل في كل شيء، على حشود من معدمين لا يهتم أحد بتحسين ظروفهم، وطوابير بلا نهاية أمام الأفران ومستودعات توزيع أسطوانات الغاز ومحطات الوقود، وفساد ينخر في جسد مهترئ. حاولت هدير استعادة سذاجتها القديمة، طراوة صوتها المفقودة ورنة الفرح التي كانت تحلّق فوق فضائه، وإلى أن يتحقق لها هذا، أدمنت السير في شوارع مدينة ملونة بالتناقضات، مثقلة بتجاذبات السياسة، ومنهكة تحت وطأة أزمات لا تنتهي. مدينة عجوز تحترف النسيان وتمتهن الضجيج".
منصورة عز الدين من رواية (جبل الزمرّد)
ـ "الحديث ذو شجون، وله نزوة من القلب على اللسان، ودبيب على اللسان من القلب، والاحتراس منه يقل، والغلط فيه يعرض، وحفظ الكلام على سَنَنه من الكُلف الشاقة، والأمور الصعبة، واللسان فيه أكثر إنصافاً من القلم، واللفظ أعدل من الخط، وبعد وقبل فالكلام في نشر العيب وكشف القناع وتدنيس العرض وهجو الإنسان ووصفه بالخبائث، أكثر استمراراً، والمتكلم فيه أظهر نشاطاً، وأمرن عادة، وأوقد هاجساً، وأحضر عاطساً، وهذا لأن الشر طبّاع، والخير تكلّف، والطينة أغلب".
أبو حيان التوحيدي من (مثالب الوزيرين).