ضحايا تحديات "تيك توك".. المشكلة والحل
هل يتسبّب تطبيق تيك توك في تعرّض مستخدميه للموت؟! وما دور إدارته في مراقبة محتواه؟ وهل هو المسؤول الأوّل عما نشاهده من كوارث متتابعة؟ وكيف تكون للأسرة والمؤسسات التعليمية والمجتمع بصمةٌ قوية في الحدّ من هذه المآسي؟
استطاع "تيك توك" أن يستقطب أكثر من مليار مستخدم في سنوات قليلة، معظمهم تحت سن 15عامًا، وذلك بفضل ما يتيحه من إمكانية إنشاء مقاطع الفيديوهات القصيرة ومشاركتها مع الآخرين، إذ يغلب على الكثير منها طابع التحدّي والاستعراض لكلّ ما هو مفيد وغير مفيد، وربما كانت هذه التحديات سببًا رئيسيًّا في تعرّض بعض مستخدميه للموت! وهذا ما سوف نلقي عليه الضوء في هذه التدوينة.
الحوت الأزرق لعبة موّجهة إلى فئتي الأطفال والمراهقين، قد تدفعهم إلى الانتحار في التحدّي النهائي بعد 50 يومًا من بداية اللعبة، حيث تتضمن سلسلة من التحديات المؤذية، تلعب على الجانب النفسي للمستخدم وتهديده، وقد تعرّض حياته للخطر.
بدأت تغطية لعبة الحوت الأزرق إعلامياً في عام 2016، حين كثر عدد ضحاياها من المراهقين في روسيا، كما جرى الإبلاغ عن عشرات الضحايا في دول أخرى مثل: تونس، البرازيل، بنغلادش، بلغاريا، الهند، إيطاليا، فرنسا، الجزائر، مصر، المغرب وغيرها، الأمر الذي أدى إلى اتخاذ سلطات هذه البلاد الإجراءات اللازمة لمنع انتشار اللعبة والحدّ من ضحاياها.
وبعد تحدّي الحوت الأزرق، انتشر تحدّ آخر يدفع الأطفال والمراهقين إلى كتم أنفاسهم أطول فترة ممكنة حتى يحدث الإغماء، وبالفعل سُجلت حالات وفاة بين الأطفال حول العالم بسبب هذا التحدّي.
شبكات التواصل الاجتماعي كانت البيئة الخصبة لترويج مثل هذه الألعاب بين المراهقين
تحديات أخرى خطيرة، انتشرت أيضًا عبر فيديوهات "تيك توك"، مثل تحدّي النار، تحدّي كسارة الجمجمة، تحدّي أسنان مصاصي الدماء، وغيرها مما تسبّب في إصابة عدد كبير من المراهقين والأطفال.
الجدير بالذكر أنّ شبكات التواصل الاجتماعي كانت البيئة الخصبة لترويج مثل هذه الألعاب بين المراهقين، وقد اتخذت هذه الشبكات، فيما بعد، بعض الإجراءات لمنع المستخدمين من التسجيل في هذه اللُعب وحظر الحسابات التي تروّج لها، وما إلى ذلك.
وقد أصدرت إدارة منصة تيك توك بيانًا، أكدت فيه أنّ مثل هذه التحديات ليست ضمن المحتوى المقبول لدى المنصة، حيث إنها تنتهك إرشادات المجتمع الخاصة بها، وأنها تقوم فورًا بإزالة هذا النوع من المحتوى، ليكون تيك توك مساحةً آمنةً وإيجابية للمستخدمين.
لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن نلقي اللوم كله على "تيك توك" وغيره من التطبيقات، رغم أنها البيئة الخصبة والمناسبة لانتشار مثل هذه التحديات المؤذية، ويبقى على الأسرة والمؤسسات التعليمية والمجتمع دور أساسي لا يُستهان به في الحدّ من هذه المآسي.
وفي هذا الصدد، وُجهت الجهات المعنية بالمؤسسات التعليمية نحو تشديد المراقبة على أيّ أنشطة يقوم بها الطلاب قد تضرّ بهم، ودعت لتنفيذ حملات توعوية بأضرار هذا النوع من الألعاب.
وتبقى على الأسرة أيضًا (وهي الأساس) مهام التنشئة الجيدة لأبنائها ومراقبة سلوكهم على الهواتف الذكية، وتوعيتهم بمخاطر استخدامها بشكل سيئ.
من جهتها، تصرّ إدارة "تيك توك" على أنها بريئة من نشرها مثل هذه الألعاب والتحديات، وأنها معروفة لدى الأطفال والمراهقين عبر مصادر أخرى غير منصة تيك توك، وأنها متيقظة دائمًا وملتزمة بحماية مستخدميها، بل وتشدّد على منع أي محتوى يتضمن عنفًا أو يتسبّب في أيّ إصابات أو وفيات.
ومع ذلك، فإن سياسة المنع لدى "تيك توك" غير كافية، كما يصرّح بعض الصحافيين والمتخصّصين في وسائل التواصل الاجتماعي، وربما كان ذلك بسبب عدم القدرة على التحكّم في أكثر من مليار مستخدم، وفي كلّ هذا الكم الهائل من المحتوى المعروض، وربما يمكن لمسؤولي المنصة التحكم في الهاشتاغات الرائجة التي تدعو إلى مثل هذه التحديات الخطيرة ومنعها تماماً.