شعبية الصدق
سألتُ نفسي وألححتُ في السؤالِ: لماذا أنا متأثرةٌ إلى حدِ البكاءِ، الذي عطّل مهامي، باغتيالِ شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة في فلسطين؛ فما كنت من أقاربها فيوجعني الدمُ الذي بيننا، وما كنت من أصدقائها فأتحسرَ على الأنسِ بها، وما كنت من زملائها فتقتلَني العِشرة، كما أنني من المؤمنين بأن اغتيال من يفضح فظائع المُحتل المُغتصب من شأنه توليدُ آلاف غيره يفضحونه ويناصرون قضيتهم بحماسٍ وإصرار، فيبدو ظاهر الاغتيال مؤلمًا وباطنه مُبشرًا بإفاقة الغافلين عن القضية وصُلبها.
فما الذي يُبكيني إذن؟
ما يُبكيني هو المهابةُ والإجلالُ اللذان يبثهما الصدقُ والإخلاصُ في النفسِ عندما تلمسهما في شخص، وقد كنت ألمس في شيرين الصفتين من تقاريرها وما تحتويه من رسائلَ ومضامينَ توصِّل من خلالها معاناةَ الشعبِ الفلسطيني بكل شفافيةٍ رغم أنف العدو الصهيوني، فكانت كالمُحاربِ في معركةٍ ممتدةٍ إلى أن قُتلت على أرضها فكان ذلك خيرَ دليل على صدقها أمام العالم حتى اجتمع عليها أغلبه.