دخان في عين النفق

16 يونيو 2024
+ الخط -

لا تزال معركة طوفان الأقصى تواصل فصولها الدموية على أرض غزة، وفيها لا تزال المقاومة الفلسطينية تبلي حسناً، على الرغم من مرور أكثر من ثمانية أشهر كاملة على بدء الحرب التي اشعلت فيها المقاومة شرارتها الأولى في فجر السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

الجديد في الأمر هو تواصل العمليات العسكرية النوعية التي تقوم بها المقاومة، في ظل الدعم السخي واللامحدود الذي تقدمه دول المعسكر الغربي لإسرائيل والخذلان العربي للمقاومة، في مفارقة لن تجد مثلها إلا في هذا الزمن العربي الكئيب..

عملية عين النفق التي حدثت في (بيت حانون) في الركن الشمالي الشرقي لقطاع غزة في يومي 21- 22 مايو/ أيار الماضي، التي كشفت المقاومة عن بعض من تفاصيلها، تعيد إلى الأذهان بطولات العرب في عصور خلت..

وعلى الرغم من كل الخذلان العربي، إلا أن المقاومة أثبتت أنها دخلت المعركة وهي مجهزة لكل أدواتها، ولم يكن الأمر مجرد مغامرة عسكرية غير محسوبة العواقب، بل كانت محسوبة وبدقة، فكل مؤشرات الأرض تقول كذلك.. وليس كما يقوله المتخاذلون العرب: لقد خاضوا حرباً انتحارية ودفعوا بأهالي غزة إلى المحرقة!

لا تدري كيف يفكر هؤلاء (المثقبون)، هكذا سميتهم، لا المثقفين..

ماذا تريدون من المقاومة أن تفعل؟

إذا كانت الحلول (السلمية)، كما تنادون بها، لم تجدِ، ومنها اتفاق أوسلو عام 1993 بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، الذي تملّصت هذه الأخيرة منه، وتصريحات رئيس وزرائها نتن ياهو واضحة أنه عارض قيام دولة فلسطينية، وهذا أهم نجاح أصابه طيلة 12 عاما، وهي فترة كونه رئيس وزراء..

يعني حل الدولتين صار في مهب الريح، فلا تصدق كل مناداة الدول الغربية به، فما هي إلا صدى للمناداة الأميركية.. تلك المراوغة التي لم تعد تنطلي على أحد..

قال د. أحمد خالد توفيق: "الفلسطينيون فقط، عرفوا أنه لا جدوى من إضاعة الوقت، وأن هناك حلاً واحداً اسمه المقاومة، ولو كان خصمهم غير اليهود لكتب العالم كفاحهم على النجوم بأقلام من ذهب".

يعلمنا التاريخ أن المفاوضات تفرضها وقائع الأرض، واليوم المقاومة بصمودها الأسطوري تعيد رسم هذه الوقائع على أرض غزة..

أنا كنتُ سألوم المقاومة على مغامرتها العسكرية في السابع من أكتوبر، لو أنها تخاذلت وانكسرت بعد أول أسبوع أو شهر، لكننا، وقد تعدينا اليوم الـ250 للمعركة، ما تزال المقاومة صامدة، تخطط وتصد وتهاجم العدو في كل مناطق قطاع غزة، وكذلك لا تزال صواريخها تهاجم الأراضي الفلسطينية المحتلة بيد عدوهم..

فماذا تريدون منها أكثر من ذلك، أيها المثقبون العرب؟

أنتم حتى لم تلوموا دولة الاحتلال معشار ما تلومون به المقاومة الفلسطينية، فإلى أي معسكر أنتم منحازون، يا نكبات أمتنا؟   

***

عبد الحفيظ العمري
عبد الحفيظ العمري
عبد الحفيظ العمري
كاتب ومهندس من اليمن، مهتم بالعلوم ونشر الثقافة العلمية. لديه عدّة كتب منشورة إلكترونيا. الحكمة التي يؤمن بها: "قيمة الانسان هي ما يضيفه للحياة ما بين حياته ومماته" للدكتور مصطفى محمود.
عبد الحفيظ العمري