02 سبتمبر 2024
تشغيل العقل الغبي يسبب الدمار
أبدع صديقُنا أبو الجود في رسم شخصية أبي علال الرجل الغبي، الانفعالي، الأرعن، الذي يقوم بأعمال خطيرة، مثل اقتلاع أعمدة إشارات المرور من مفارق الطرق بمدينة إدلب، لمجرد أنه سمع أحد الساهرين في مضافة الآغا يذم هذه الإشارات، ويعتبرها عدواناً من طرف الدولة على شعب إدلب، ثم محاولته تكسير تمثال أبي العلاء المعري لأنه سمع شخصاً يدعى أبا فلان يَذكر أبا العلاء المعري بسوء، مع العلم أنه، أعني أبا فلان هذا، عندما طلبوا منه تبيان أسباب هذه الكراهية قال:
- والله يا حجي أنا ما بعرف، لكن (سمعت) إنه أبو العلاء كافر!
أبو علال، من جهته، لا يجهل من هو أبو العلاء المعري وحسب، بل إنه عندما سمع بحكايته، اعتقدَ أنه رجل من الحارة القبلية في المعرة، وأن لأبي فلان عليه دَيْناً مستحقاً، وهو يماطل بالدفع، وأبدى استعداده لتحصيل الدين بالقوة، لأنه لا يقبل أن يحتال واحد معراوي على واحد إدلبي!
قال كمال بتهكم: بصراحة يا أبو الجود إنته ظلمت "أبو فلان"، مستحيل يكون حَقَد عَ المعري نتيجة السماع والقال والقيل، أكيد هوي قاري كتاب الفصول والغايات، ومستنبط مدلولاته الوجودية، إضافة لكونه متبحر بمعاني اللزوميات اللي بتتضمن أشعار بتنم عن الشك، ورسالة الغفران، وزجر النابح..
قال أبو الجود: طول بالك عليّ يا أستاذ كمال، ترى والله أنا متل "أبو علال"، ما بعرف شي عن أبو العلاء، لكن أنا ما بحكي عليه بخير ولا بشر، طالما الرجل متوفي من ألف سنة، أنا أيش بدي فيه؟ أنا هاي زوجتي أم أولادي ما عم بعرف أحل مشكلتي معها، بقى معقولة أحمّل حالي بقصص ومشاكل ما إلي علاقة فيها؟
قالت أم الجود بطريقة ملغوزة: أبداً تسلم لي، نحن ما في بيناتنا مشاكل، سمن على عسل.
رمقها بنظرة جانبية، وقال بتهكم: كويس إنه زوجتي العزيزة حكت. أنا لما بشوفها ساكتة بخاف تكون مريضة لا سمح الله، وإنه المرض يتحكم فيها، وتموت، وإبقى أنا من دون أم الجود. على كل حال أنا وَقَّعت حالي بورطة ما عم أعرف كيف إطلع منها. يا شباب لما حكيت لكم عن أبو علال كان عندي غرض تاني، كنت بدي أقول إنه هوي غشيم متلي، ومتلما بتعرفوا، الحديث في سهرة الإمتاع والمؤانسة بيجر بعضه، وبيكون الواحد رايح مشرق بيلاقي حاله رايح مغرب.
قال كمال: مو بس الحديث بيجر بعضه. أنا بدي أقول إنه القصتين اللي إنته حكيتهم عن أبو علال حلوين كتير بغض النظر عن الأسباب اللي خلتك تحكيهن. بصراحة؟ إنته كنت رايد تقول إنه زواجك من أختنا أم الجود كان مبني على غشم وحماقة، وعلى سيرة الغشم والحماقة صرت تحكي لنا عن أبو علال، لاكن طلع التشبيه تبعك غلط.
قال أبو محمد: هلق إنتوا عم تضيعوا لنا الوقت بالأخد والرد. خلي الزلمة يحكي القصة تبعه، وبعدها كل واحد بيحللها على كيفه.
قال أبو الجود: نعم. القصة سمعتها من خالي عبد الحميد. قال لي إنه أبو علال في يوم من الأيام كان قاعد بلا شغل، وكان في مدينة إدلب رجل مثقف اسمه "محمد يزن"، وهادا الرجل كان يدرّس مادة الفلسفة بثانوية المتنبي، ومحمد يزن رجل زنكين (ثري)، ومو بحاجة الراتب، بس هيك بيحب التدريس.. ولما طلع ع التقاعد، اشترى قطعة أرض مشجرة، وعمر فيها شقة سكنية وجهزها بكل وسائل الترفيه، حتى إنه ركب فيها مولدات كهربا، وصارت بتشهي القلب، وأطلق عليها اسم "مزرعة إخوان الصفا".
ولما سمع محمد يزن بمشكلة أبو علال، وإنه هالإنسان فقير ومنحوس ومشحر وقاعد بلا شغل، عطف عليه، وعرض عليه إنه يشتغل عنده في المزرعة، مقابل إنه يعمر له شقة في نفس المكان، ويخليه يجيب عيلته تسكن معه، والأكل والشرب وحتى السجاير بيدفع تمنها الأستاذ محمد يزن، وفوق كل هاي الخدمات والمزايا، أعطاه خمسين ألف ليرة وبعته على المصرف العقاري، واتصل بمدير المصرف وقال له إنه هادا أخونا أبو علال بده يفتح حساب مصرفي، يا ريت تساعدوه لأنه ما عنده خبرة في هاي الأمور الإدارية، ويا ريت تعطوه بطاقة صراف وتعلموه كيف يسحب مصاري عند الحاجة.. وبعدما صار هالشي قال له: أيش ما بيلزمك مصاري يا أخي أبو علال إنته وعيلتك بإمكانك تسحب من الصراف الآلي وتصرف، بدون حتى ما تخبرني.
قال أبو جهاد: واضح إنه هالقصة كلياتها كذب، لأنه بعمرنا ما سمعنا في حدا من الزناكين (الأغنياء) كريم لهالدرجة.. لكن بنفس الوقت القصة حلوة. بصراحة أنا حبيتها.
قال أبو الجود: عاش أبو علال وهوي عم يشتغل في مزرعة إخوان الصفا عند الأستاذ محمد يزن حياة كلها جخ ورخ، وصار يبعت إبنه عَ المدينة، ويوصيه على خضار وفواكه ولوازم طبخ، ويعطيه بطاقة الصراف ويقله: بطريقك مر اسحب لنا تلات أربعة آلاف ليرة، بيلزمونا.. المهم، على حسب ما حكى لي خالي عبد الحميد، الكَرَم اللي شافه أبو علال من الأستاذ محمد كان فوق طاقته.. حتى إنه مرة من المرات كان الأستاذ محمد عامل عزيمة لأصدقاؤو في المزرعة، ولما دخل أبو علال لحتى يخدم الحاضرين، قال الأستاذ محمد يزن لرفقاته: بعرفكم على معلمنا أبو علال. هادا هون في هالمزرعة الكل بالكل، أنا دائماً بشعر إني ضيف عنده..
قال أبو محمد: يا ريت كلياتنا نكون متل هالأستاذ.
قال أبو الجود: أي والله. المهم إنه خالي عبد الحميد أعطاني زبدة القصة وقال لي: ومرت الأيام، يا عين خالك، وصار أبو علال يشغّل عقله منشان يرد الجميل للأستاذ. وترى أبشع شي في أبو علال إنه يشغل عقله. لو يترك عقلة مطفي ومغلق أحسن إله ولغيره.
أنا سألته لخالي: لما شغل عقله أيش صار؟
قال لي: راح اشترى سكينة قاطعة، وإجا لعندي وقال لي بدي آخد رأيك بشغلة. قلت له تفضل. قال لي: هادا الأستاذ محمد يزن طامرني بأفضاله. وأنا فكرت كتير إنه كيف بدي أرد له جميله. صرت أفكر إنه إشتري له هدية، المشكلة هوي مو ناقصه شي. وبالأخير لقيت الحل.
خالي سأله: وأيش هوي الحل اللي لقيته يا أبو علال؟
قال أبو علال: بدي إضربه سكينة بخاصرته وأخليه يموت. بهالحالة هوي بيكون شهيد الغدر من أقرب الناس إله. وبيروح على الجنة بإذن الله، وأنا بروح ع النار!
أبو علال، من جهته، لا يجهل من هو أبو العلاء المعري وحسب، بل إنه عندما سمع بحكايته، اعتقدَ أنه رجل من الحارة القبلية في المعرة، وأن لأبي فلان عليه دَيْناً مستحقاً، وهو يماطل بالدفع، وأبدى استعداده لتحصيل الدين بالقوة، لأنه لا يقبل أن يحتال واحد معراوي على واحد إدلبي!
قال كمال بتهكم: بصراحة يا أبو الجود إنته ظلمت "أبو فلان"، مستحيل يكون حَقَد عَ المعري نتيجة السماع والقال والقيل، أكيد هوي قاري كتاب الفصول والغايات، ومستنبط مدلولاته الوجودية، إضافة لكونه متبحر بمعاني اللزوميات اللي بتتضمن أشعار بتنم عن الشك، ورسالة الغفران، وزجر النابح..
قال أبو الجود: طول بالك عليّ يا أستاذ كمال، ترى والله أنا متل "أبو علال"، ما بعرف شي عن أبو العلاء، لكن أنا ما بحكي عليه بخير ولا بشر، طالما الرجل متوفي من ألف سنة، أنا أيش بدي فيه؟ أنا هاي زوجتي أم أولادي ما عم بعرف أحل مشكلتي معها، بقى معقولة أحمّل حالي بقصص ومشاكل ما إلي علاقة فيها؟
قالت أم الجود بطريقة ملغوزة: أبداً تسلم لي، نحن ما في بيناتنا مشاكل، سمن على عسل.
رمقها بنظرة جانبية، وقال بتهكم: كويس إنه زوجتي العزيزة حكت. أنا لما بشوفها ساكتة بخاف تكون مريضة لا سمح الله، وإنه المرض يتحكم فيها، وتموت، وإبقى أنا من دون أم الجود. على كل حال أنا وَقَّعت حالي بورطة ما عم أعرف كيف إطلع منها. يا شباب لما حكيت لكم عن أبو علال كان عندي غرض تاني، كنت بدي أقول إنه هوي غشيم متلي، ومتلما بتعرفوا، الحديث في سهرة الإمتاع والمؤانسة بيجر بعضه، وبيكون الواحد رايح مشرق بيلاقي حاله رايح مغرب.
قال كمال: مو بس الحديث بيجر بعضه. أنا بدي أقول إنه القصتين اللي إنته حكيتهم عن أبو علال حلوين كتير بغض النظر عن الأسباب اللي خلتك تحكيهن. بصراحة؟ إنته كنت رايد تقول إنه زواجك من أختنا أم الجود كان مبني على غشم وحماقة، وعلى سيرة الغشم والحماقة صرت تحكي لنا عن أبو علال، لاكن طلع التشبيه تبعك غلط.
قال أبو محمد: هلق إنتوا عم تضيعوا لنا الوقت بالأخد والرد. خلي الزلمة يحكي القصة تبعه، وبعدها كل واحد بيحللها على كيفه.
قال أبو الجود: نعم. القصة سمعتها من خالي عبد الحميد. قال لي إنه أبو علال في يوم من الأيام كان قاعد بلا شغل، وكان في مدينة إدلب رجل مثقف اسمه "محمد يزن"، وهادا الرجل كان يدرّس مادة الفلسفة بثانوية المتنبي، ومحمد يزن رجل زنكين (ثري)، ومو بحاجة الراتب، بس هيك بيحب التدريس.. ولما طلع ع التقاعد، اشترى قطعة أرض مشجرة، وعمر فيها شقة سكنية وجهزها بكل وسائل الترفيه، حتى إنه ركب فيها مولدات كهربا، وصارت بتشهي القلب، وأطلق عليها اسم "مزرعة إخوان الصفا".
ولما سمع محمد يزن بمشكلة أبو علال، وإنه هالإنسان فقير ومنحوس ومشحر وقاعد بلا شغل، عطف عليه، وعرض عليه إنه يشتغل عنده في المزرعة، مقابل إنه يعمر له شقة في نفس المكان، ويخليه يجيب عيلته تسكن معه، والأكل والشرب وحتى السجاير بيدفع تمنها الأستاذ محمد يزن، وفوق كل هاي الخدمات والمزايا، أعطاه خمسين ألف ليرة وبعته على المصرف العقاري، واتصل بمدير المصرف وقال له إنه هادا أخونا أبو علال بده يفتح حساب مصرفي، يا ريت تساعدوه لأنه ما عنده خبرة في هاي الأمور الإدارية، ويا ريت تعطوه بطاقة صراف وتعلموه كيف يسحب مصاري عند الحاجة.. وبعدما صار هالشي قال له: أيش ما بيلزمك مصاري يا أخي أبو علال إنته وعيلتك بإمكانك تسحب من الصراف الآلي وتصرف، بدون حتى ما تخبرني.
قال أبو جهاد: واضح إنه هالقصة كلياتها كذب، لأنه بعمرنا ما سمعنا في حدا من الزناكين (الأغنياء) كريم لهالدرجة.. لكن بنفس الوقت القصة حلوة. بصراحة أنا حبيتها.
قال أبو الجود: عاش أبو علال وهوي عم يشتغل في مزرعة إخوان الصفا عند الأستاذ محمد يزن حياة كلها جخ ورخ، وصار يبعت إبنه عَ المدينة، ويوصيه على خضار وفواكه ولوازم طبخ، ويعطيه بطاقة الصراف ويقله: بطريقك مر اسحب لنا تلات أربعة آلاف ليرة، بيلزمونا.. المهم، على حسب ما حكى لي خالي عبد الحميد، الكَرَم اللي شافه أبو علال من الأستاذ محمد كان فوق طاقته.. حتى إنه مرة من المرات كان الأستاذ محمد عامل عزيمة لأصدقاؤو في المزرعة، ولما دخل أبو علال لحتى يخدم الحاضرين، قال الأستاذ محمد يزن لرفقاته: بعرفكم على معلمنا أبو علال. هادا هون في هالمزرعة الكل بالكل، أنا دائماً بشعر إني ضيف عنده..
قال أبو محمد: يا ريت كلياتنا نكون متل هالأستاذ.
قال أبو الجود: أي والله. المهم إنه خالي عبد الحميد أعطاني زبدة القصة وقال لي: ومرت الأيام، يا عين خالك، وصار أبو علال يشغّل عقله منشان يرد الجميل للأستاذ. وترى أبشع شي في أبو علال إنه يشغل عقله. لو يترك عقلة مطفي ومغلق أحسن إله ولغيره.
أنا سألته لخالي: لما شغل عقله أيش صار؟
قال لي: راح اشترى سكينة قاطعة، وإجا لعندي وقال لي بدي آخد رأيك بشغلة. قلت له تفضل. قال لي: هادا الأستاذ محمد يزن طامرني بأفضاله. وأنا فكرت كتير إنه كيف بدي أرد له جميله. صرت أفكر إنه إشتري له هدية، المشكلة هوي مو ناقصه شي. وبالأخير لقيت الحل.
خالي سأله: وأيش هوي الحل اللي لقيته يا أبو علال؟
قال أبو علال: بدي إضربه سكينة بخاصرته وأخليه يموت. بهالحالة هوي بيكون شهيد الغدر من أقرب الناس إله. وبيروح على الجنة بإذن الله، وأنا بروح ع النار!