بين الصداع الأميركي وهروب نتنياهو إلى الأمام
منذ الحملة الانتخابية لبايدن وهو يعيش بين صداعين بين ما تركه سلفه ترامب من اتفاقية عالية السقف وهي "صفقة القرن" وعودة العلاقات (الأميركية - الفلسطينية). لذلك ممكن أن نشبه هذه المرحلة بفترة الغموض الأميركي من الصراع (الفلسطيني - الإسرائيلي) من ناحية أي حل.. هل تدعم الولايات المتحدة اتفاق حل الدولتين؟ أم دعم صفقة القرن مجددا؟ أم إطلاق مباحثات جديدة؟
أميركا والتهدئة في الشرق الأوسط
من الواضح أن سياسة الولايات المتحدة الجديدة هي خفض منسوب التوتر في المنطقة، من خلال إجراء اتفاق مع إيران يؤدي إلى استقرار سياسي، ومما سيؤدي إلى رسم خريطة سياسية جديدة، وذلك يمكنها من التفضي لخصومها الأساسيين وهم الصين وروسيا. ولكن هكذا اتفاق كانت تعارضه مكونات مختلفة في المنطقة مما أدى إلى استعمال سياسة العصا والجزرة لجلب المعارضين إلى كنف التسوية.
عقبة الصواريخ البالستية ودور إيران السياسي
بدى واضحاً خلال المفاوضات (الأميركية - الإيرانية) أن إيران مصرة على رفع العقوبات وتفعيل الاتفاق النووي ومن بعدها التحدث في التفاصيل الأخرى وهذا ما تعارضه إسرائيل. يبدو أنها أرادت قلب الطاولة من خلال فرض معادلة جديدة، أي معالجة بنوك الأهداف التي تعمل عليها وبالتالي تحاول أن تورط الأميركي معها.
لكن من الواضح أن إسرائيل تعمل على تحقيق مشروعها ولكن بحذر أميركي، من جهة تعطيها فترة زمنية محددة لتحقيق بنوك أهدافها، وفي المقلب الآخر نرى أصواتا أميركية نافذة لأول مرة تدعم القضية الفلسطينية بطريقة أو أخرى.
سياسة نتنياهو الوحيدة في المرحلة الحالية هي الهروب إلى الأمام ما بين أزمته الداخلية وأزمة التسويات في المنطقة
هذا ما أربك الإسرائيلي ووضعه تحت المجهر حيث الرأي العام العالمي داعم للفلسطينيين ومن جهة أخرى البطولات التي يقدمها الفلسطينيون إضافة إلى انتفاضة مناطق الثماني والأربعين حيث نقلت المعركة أيضاً إلى داخل الأراضي المحتلة.
التعنت الإسرائيلي
منذ قدوم الرئيس الأميركي الجديد، ونشهد تعنتا إسرائيليا بخصوص ملفات منطقة الشرق الأوسط، ويمكن القول إن المنطقة متجهة إلى التسويات ما بين مفاوضات (أميركية - إيرانية) ومحادثات (سعودية - إيرانية)، إعادة التواصل بين تركيا ودول عربية كانت على خلاف معها، ودور روسي فاعل، حيث ترسم معالم المنطقة مجدداً.
هذا التمرد الإسرائيلي أصبح عقبة لهذه المرحلة ويعمل الأميركي على أن يعطيه بعض الفرص لتسوية أموره في بقع جغرافية مختلفة أي ضرب بنوك أهداف يعمل عليها منذ سنوات. ولكن من بعد هذه السخونة السياسية والعسكرية عليه أن ينخرط بحلول المنطقة من خلال التهدئة على الجبهات المختلفة.
الليونة الأميركية
كما ذكرنا سابقاً فأميركا تريد استعادة العلاقات مع الفلسطينيين، ولا يمكنها بهكذا مرحلة أن ترسل خطابات قاسية تجاه المقاومة الفلسطينية سوى من خلال الدفاع عن الإسرائيلي، في الأروقة الأساسية مثل مجلس الأمن ودعم نتنياهو من خلال تصريحات أن إسرائيل يحق لها الدفاع عن نفسها، ولكن في المضمون واضح أن الأميركي يضغط لتحقيق وقف إطلاق النار بعد أن أعطاه مهلة لضرب بنوك أهدافه، وفي المقلب الآخر ينسق مع مصر وقطر للعمل على هذا الاتفاق، في المرحلة الأولى كان هناك تعنت إسرائيلي ويريد شراء مزيد من الوقت لحفظ ماء الوجه من خلال العمل على اغتيالات و تصفيات ولكنها لم تنجح.
هل ستشتعل جبهات أخرى؟
إن أردنا ترقب ما حدث في فلسطين والتخبط الإسرائيلي الحاصل من جراء المتغيرات السياسية في المنطقة، ومحاولة تمرير بنوك أهدافه ممكن أن نضع سيناريو مشابها لما حدث في فلسطين مع دول أخرى مجاورة مثل لبنان وسورية، أي ضرب بنوك أهداف تعمل عليها إسرائيل منذ سنوات. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل ستفعلها بعد ما حدث في فلسطين؟
نتنياهو والهروب إلى الأمام
سياسة نتنياهو الوحيدة في المرحلة الحالية هي الهروب إلى الأمام ما بين أزمته الداخلية وأزمة التسويات في المنطقة، يعمل كل جهده على وضع الأجندة الإسرائيلية على الطاولة وهذه الأجندة لا يمكن أن تتحقق حالياً في ظل الانفتاح الأميركي إلا من خلال مواجهات عسكرية يعمل من خلالها على تحقيق أكبر قدر ممكن من النتائج، تفتح باب التسويات مع الهواجس الإسرائيلية. ولكن لعبة الوقت ليست بيده لأن التسويات تحصل في الفترة الزمنية الحالية مما يعني أنه إن أراد ارتكاب أي حرب مع جبهات أخرى يريد أن ينفذها في الفترة الزمنية القريبة المقبلة التي لا تتعدى الشهر أو الشهرين.
الفريق المواجه
من الواضح أن الفريق المقابل جاهز بشكل جيد، وهذا ما شهدناه في فلسطين، ومن هنا من الغير المتوقع أن تعمل إسرائيل على أي توغل بري في أي جبهة لأنها تعلم جيدا انها ستتكبد خسائر فادحة، استراتيجيتها ضرب بنوك أهدافها من الجو والاعتماد على القبة الحديدية لتقليل أكبر قدر ممكن من الخسائر، فأي جبهة أخرى ستفتح، سنرى مشهداً ملائماً لما حصل في فلسطين.