02 سبتمبر 2024
المضحك المبكي (4)
في مطلع جلسة "الإمتاع والمؤانسة" الأخيرة طرحَ الأستاذ كمال فكرة اعْتَبَرَهَا الحاضرون موفقة، لخصها بقوله:
- متلما بتعرفوا الأستاذْ حبيبْ كحالة، صاحبْ مجلة المضحك المبكي، مات في سنة 1965، رحمه الله، لاكنْ خلونا نفترضْ إنُّه بعدُه عايشْ، وتعرضتْ المنطقة التي بيعيشْ فيها للقصفْ الروسي، أو للقصفْ بالبراميلْ من قبلْ ابن حافيييظ الأسدْ، أو احتل تنظيم داعش الإرهابي بلدُه وصارتْ عنده (الهزيمة أحسنْ من الغنيمة)، أو إنه كان عايشْ في مناطق النظامْ، ونَفَضُه واحدْ مُخْبِرْ محترفْ بتقريرْ أمني من كعبْ الدستْ، وهربْ حتى ما يعلق في قبضة المخابرات، وبالنتيجة حَطّْ فيه الرِحَالْ هونْ في إسطنبول، وصارْ أحدْ أفرادْ مجموعتنا، وطلب منا أن نزوده ببعض الحكايات السياسية المضحكة المبكية، حتى ينشرها في مجلته.. أشو رأيكم؟ مو لازمْ نساعدُه؟
قلت: لازم نساعده طبعاً، بس نحنا لازم نكون أمينينْ لتصنيف مجلة المضحك المبكي. أنا بعرف إنه كان ينشر حكاية في كل عدد من المجلة تحت عنوان "فتشوا عن مغزاها". وإذا بدكم أنا هلق بحكي لكمْ واحدة من هذا القبيل.
قال أبو محمد: الشي الكويسْ إنه الأستاذْ كمال وأبو مرداسْ بيفهموا على بعضهم بسرعة. تفضل احكي لنا القصة.
قلت: كان حافيييظ الأسدْ شديدْ الحرصْ على ضربْ فكرة البرلمانْ، لحتى يُحْكِمْ قبضتُه على كل سورية، وحتى ما يلاقي أي نوعْ من الرقابة أو المعارضة، منشان هيك استغلّْ مبدأ حزبْ البعثْ اللي بيقولْ إنه سورية هي "دولة العمالْ والفلاحينْ وصغارْ الكسبة"، وفَتَحْ بابْ مجلسْ الشعبْ لهدول الشرائحْ على مصاريعُه.. أنا، متلما بتعرفه، بحبّْ العمالْ والفلاحينْ وصغارْ الكسبة، وبحترمْهم احترامْ كبيرْ، لأنه هدولْ في المحصلة أهلْنا وشعبْنا، ومعظم الناس المتعلمين وحملة الشهادات هني أبناء هدول الناس الطيبين، لكن مجلسْ الشعبْ مهمته الأساسية هيي التَشْريع، ومراقبة أداءْ الوزراءْ ومؤسساتْ الحكومة، وبيحتاجْ يكونوا أعضاؤُه ناسْ اختصاصيينْ دارسينْ ومثقفينْ ومتابْعين لمُجرياتْ الأمورْ في البلدْ.. يعني إنته لما بتجيب إنسانْ شبه أمي وبتساويه عضو مجلس الشعب بتكونْ عم تسيءْ إلُه وللمجتمع بشكل عام.
قال أبو محمد: أنا واحدْ من الناسْ اللي ما دَرَسُوا ولا تعلموا، وبالصدقْ لو كان حدا طَلَبْ مني أصيرْ عضو مجلسْ الشعب كنت برفضْ، لأنه هاي الشغلة مو شغلتي، متلما عم تحكوا هلق.
قلت: يا ريتْ يا عمي أبو محمدْ يكونوا كل الأعضاءْ اللي بيدخّلُوهم على مجلس الشعب متلك، قصدي بيمتلكوا الطيبة والتواضعْ والمحبة. كانْ عندنا في البلدْ واحدْ صاحبْ براكية (كولبة) بيبيعْ فيها دخان مْهَرَّبْ ومواد تموينية مختلفة أكترْها مهربة، وأواقيت كان يشتري قسائم تموينية من الناس الفقرا ويتاجر فيها.. المهم هادا الزلمة أخدوه على مجلس الشعب بعدما صنفوه تحت بندْ "صِغَارْ الكَسَبة". وهادا الرَجُلْ عندُه سِمْعَة سيئة لدرجة لا توصفْ، ما في شغلة وسخة أخلاقياً إلا بيرتكبها.. ما في داعي نحكي عن وساخاته، لاكن ضروري نقولْ إنه "صاحبْ سوابقْ"، وفي إله بفرع الأمن الجنائي سجل (فيش) مرتب. لاكن، متلما بتعرفوا، الجانب الأخلاقي ما بيهم المسؤولين في دولة الأسد، الشي الوحيد اللي بيهمهم هوي الولاء والتعاون، يعني الاستعداد لأنه يكون مخبر على أهل بلده.. ويا سيدي، بالفعل، هادا الرجل كان إله باعْ طويلْ في التعاونْ مع فرع الحزب وفروعْ الأمنْ، وبيقولوا عنه أهل البلد أنه كَتِّيْبْ تقاريرْ نمرة أولى، والتقريرْ تبعه ما بيوقف عليه حكيم.. ويوم نَزَّلُوا إسْمُه في قائمة الجبهة الوطنية التقدمية استغربوا الناسْ إنه يكونْ مستوى مجلس الشعبْ نزل وتدنى إلى هالدرجة..
قال أبو ابراهيم: عرفته. وبالمناسبة، هاد الرجل الوسخ بيتُه جَنْبْ بيتي، ويوم نزل اسمه بقائمة الجبهة جاب طبل وزمر وعمل حفلة قدام باب بيته استمرت للصبحْ.
قلت: نعم. وخلال هالحفلة كانوا يجوا المسؤولين في الحزب والدولة والجبهة الوطنية التقدمية لحتى يهنوه بثقة القيادة، وكانوا يدبكوا معه، واثناء الدبكة كنت تلاقي كرافاتهم طايرة في الهوا، وعم تلوح يمين ويسار. ولما اجتمع عدد كبير من المسؤولين عنده وقف على كرسي عالي وألقى خطابة قال فيها إنه هوي كتير معجب بشخصية القائد حافيييظ الأسد، وكلما طلع في التلفزيون بيتركْ شغله وبيركضْ على شاشة التلفزيون وبيبوسُه، وبيحطه على راسُه، وما كانْ بيحلمْ في يومْ من الأيامْ إنه ممكنْ يشوفُه في الواقع، وَجْه لَوَجْهْ، وهلقْ، بعدما نزلْ إسمُه في قائمة الجبهة الوطنية التقدمية، راح يصيرْ عضو مجلس الشعب بمجرد ما تصيرْ الانتخابات بعد تلات أيام بس، وفي أول اجتماعْ لمجلس الشعب راح نتشرفْ نحن الأعضاءْ الجددْ، وراح أكون أنا أكبرْ الرابحينْ، ولا سينما (يقصد لا سِيَّمَا) لما بدي أتباركْ بشوفة القائد وجه لوجه، وأتمكن من بوس إيده، وإدعي لُه بالنصرْ.
قال أبو جهاد: يخرب بيته ما أوسخه. هوي عن جد بيحبه لحافيييظ؟
قلت: أكيد ما بيحبُّه ولا بيكرهُه، بس هادا متل الإنسان الطفران اللي بيكون ماشي في الشارعْ وبيلاقي كيلو دَهَبْ، أكيدْ عقله ما بيحمله.. وهوي بيعرف إنه هادا النظام بيقبل منك تكون حمارْ وتافه ونصابْ المهم تكونْ موالي ومتعاون وكاتب تقارير.
قال أبو الجود: كلام الشباب كتير كويس. بس يا ريت توقفوا شوي لأنه الشباب بلشوا يجيبوا صحون العشا. على فكرة أنا من لما بشم ريحة الأكل ما عاد عقلي بيستوعب أي كلام.
قلت: على كل حال حكايتنا انتهت. هادا الرجل صار عضو مجلس الشعب بالفعل. وفي إله حكايات تانية ممكن نحكي وحدة منها بعد العشا.
قلت: لازم نساعده طبعاً، بس نحنا لازم نكون أمينينْ لتصنيف مجلة المضحك المبكي. أنا بعرف إنه كان ينشر حكاية في كل عدد من المجلة تحت عنوان "فتشوا عن مغزاها". وإذا بدكم أنا هلق بحكي لكمْ واحدة من هذا القبيل.
قال أبو محمد: الشي الكويسْ إنه الأستاذْ كمال وأبو مرداسْ بيفهموا على بعضهم بسرعة. تفضل احكي لنا القصة.
قلت: كان حافيييظ الأسدْ شديدْ الحرصْ على ضربْ فكرة البرلمانْ، لحتى يُحْكِمْ قبضتُه على كل سورية، وحتى ما يلاقي أي نوعْ من الرقابة أو المعارضة، منشان هيك استغلّْ مبدأ حزبْ البعثْ اللي بيقولْ إنه سورية هي "دولة العمالْ والفلاحينْ وصغارْ الكسبة"، وفَتَحْ بابْ مجلسْ الشعبْ لهدول الشرائحْ على مصاريعُه.. أنا، متلما بتعرفه، بحبّْ العمالْ والفلاحينْ وصغارْ الكسبة، وبحترمْهم احترامْ كبيرْ، لأنه هدولْ في المحصلة أهلْنا وشعبْنا، ومعظم الناس المتعلمين وحملة الشهادات هني أبناء هدول الناس الطيبين، لكن مجلسْ الشعبْ مهمته الأساسية هيي التَشْريع، ومراقبة أداءْ الوزراءْ ومؤسساتْ الحكومة، وبيحتاجْ يكونوا أعضاؤُه ناسْ اختصاصيينْ دارسينْ ومثقفينْ ومتابْعين لمُجرياتْ الأمورْ في البلدْ.. يعني إنته لما بتجيب إنسانْ شبه أمي وبتساويه عضو مجلس الشعب بتكونْ عم تسيءْ إلُه وللمجتمع بشكل عام.
قال أبو محمد: أنا واحدْ من الناسْ اللي ما دَرَسُوا ولا تعلموا، وبالصدقْ لو كان حدا طَلَبْ مني أصيرْ عضو مجلسْ الشعب كنت برفضْ، لأنه هاي الشغلة مو شغلتي، متلما عم تحكوا هلق.
قلت: يا ريتْ يا عمي أبو محمدْ يكونوا كل الأعضاءْ اللي بيدخّلُوهم على مجلس الشعب متلك، قصدي بيمتلكوا الطيبة والتواضعْ والمحبة. كانْ عندنا في البلدْ واحدْ صاحبْ براكية (كولبة) بيبيعْ فيها دخان مْهَرَّبْ ومواد تموينية مختلفة أكترْها مهربة، وأواقيت كان يشتري قسائم تموينية من الناس الفقرا ويتاجر فيها.. المهم هادا الزلمة أخدوه على مجلس الشعب بعدما صنفوه تحت بندْ "صِغَارْ الكَسَبة". وهادا الرَجُلْ عندُه سِمْعَة سيئة لدرجة لا توصفْ، ما في شغلة وسخة أخلاقياً إلا بيرتكبها.. ما في داعي نحكي عن وساخاته، لاكن ضروري نقولْ إنه "صاحبْ سوابقْ"، وفي إله بفرع الأمن الجنائي سجل (فيش) مرتب. لاكن، متلما بتعرفوا، الجانب الأخلاقي ما بيهم المسؤولين في دولة الأسد، الشي الوحيد اللي بيهمهم هوي الولاء والتعاون، يعني الاستعداد لأنه يكون مخبر على أهل بلده.. ويا سيدي، بالفعل، هادا الرجل كان إله باعْ طويلْ في التعاونْ مع فرع الحزب وفروعْ الأمنْ، وبيقولوا عنه أهل البلد أنه كَتِّيْبْ تقاريرْ نمرة أولى، والتقريرْ تبعه ما بيوقف عليه حكيم.. ويوم نَزَّلُوا إسْمُه في قائمة الجبهة الوطنية التقدمية استغربوا الناسْ إنه يكونْ مستوى مجلس الشعبْ نزل وتدنى إلى هالدرجة..
قال أبو ابراهيم: عرفته. وبالمناسبة، هاد الرجل الوسخ بيتُه جَنْبْ بيتي، ويوم نزل اسمه بقائمة الجبهة جاب طبل وزمر وعمل حفلة قدام باب بيته استمرت للصبحْ.
قلت: نعم. وخلال هالحفلة كانوا يجوا المسؤولين في الحزب والدولة والجبهة الوطنية التقدمية لحتى يهنوه بثقة القيادة، وكانوا يدبكوا معه، واثناء الدبكة كنت تلاقي كرافاتهم طايرة في الهوا، وعم تلوح يمين ويسار. ولما اجتمع عدد كبير من المسؤولين عنده وقف على كرسي عالي وألقى خطابة قال فيها إنه هوي كتير معجب بشخصية القائد حافيييظ الأسد، وكلما طلع في التلفزيون بيتركْ شغله وبيركضْ على شاشة التلفزيون وبيبوسُه، وبيحطه على راسُه، وما كانْ بيحلمْ في يومْ من الأيامْ إنه ممكنْ يشوفُه في الواقع، وَجْه لَوَجْهْ، وهلقْ، بعدما نزلْ إسمُه في قائمة الجبهة الوطنية التقدمية، راح يصيرْ عضو مجلس الشعب بمجرد ما تصيرْ الانتخابات بعد تلات أيام بس، وفي أول اجتماعْ لمجلس الشعب راح نتشرفْ نحن الأعضاءْ الجددْ، وراح أكون أنا أكبرْ الرابحينْ، ولا سينما (يقصد لا سِيَّمَا) لما بدي أتباركْ بشوفة القائد وجه لوجه، وأتمكن من بوس إيده، وإدعي لُه بالنصرْ.
قال أبو جهاد: يخرب بيته ما أوسخه. هوي عن جد بيحبه لحافيييظ؟
قلت: أكيد ما بيحبُّه ولا بيكرهُه، بس هادا متل الإنسان الطفران اللي بيكون ماشي في الشارعْ وبيلاقي كيلو دَهَبْ، أكيدْ عقله ما بيحمله.. وهوي بيعرف إنه هادا النظام بيقبل منك تكون حمارْ وتافه ونصابْ المهم تكونْ موالي ومتعاون وكاتب تقارير.
قال أبو الجود: كلام الشباب كتير كويس. بس يا ريت توقفوا شوي لأنه الشباب بلشوا يجيبوا صحون العشا. على فكرة أنا من لما بشم ريحة الأكل ما عاد عقلي بيستوعب أي كلام.
قلت: على كل حال حكايتنا انتهت. هادا الرجل صار عضو مجلس الشعب بالفعل. وفي إله حكايات تانية ممكن نحكي وحدة منها بعد العشا.