الشرق الأوسط ما بين فكي الديمقراطي والجمهوري

05 نوفمبر 2020
+ الخط -

تلقي الانتخابات الرئاسية الأميركية بتأثيراتها على الأحداث العالمية كل أربع سنوات. وتهيمن وقائعها واتجاهاتها على مختلف وسائل الإعلام، وتلعب شخصية الرئيس الجديد وتوجهاته وانتماؤه الحزبي دوراً كبيراً في التأثير في كثير من علاقات الولايات المتحدة الدولية، ووجودها في الخارج من عقد اتفاقيات السلام والتعاون وحل النزاعات، إلى شن الحروب.

الحزب الجمهوري والديمقراطي

تأسس الحزب الجمهوري في 20 فبراير/شباط 1854 من بعض المنشقين الشماليين عن الحزبين اليميني ("الويغ") والديمقراطي، وكان بعض هؤلاء المؤسسين ضد وضعية الرق القائمة آنذاك وضد مطالبات الانفصال الإقليمية، وبسرعة أصبح الحزب الجمهوري بديلاً عن الحزب اليميني ونداً للحزب الديمقراطي.

تأسس الحزب الديمقراطي عام 1798، وتعود أصوله إلى ما كان يسمى بالحزب الجمهوري الديمقراطي، الذي تأسس عام 1792 على يد توماس جيفرسون وجيمس ماديسون وغيرهما من معارضي النزعة "الفدرالية" في السياسة الأميركية.

توجهات الحزبين في الشرق الأوسط

في ما يتعلق بالشرق الأوسط بوجه عام هناك تشابه إلى حد ما بين سياسات دونالد ترامب وجو بايدن، في ما يتعلق بتقليل الارتباط الأميركي بمنطقة الشرق الأوسط وتقليل الدور القيادي فيها. والأمر أصبح توجها استراتيجيا للولايات المتحدة ولا يرتبط بشخصية رئيس معين، ويرجع بشكل أساسي إلى انخفاض الأهمية الاستراتيجية للمنطقة في منظومة المصالح الاستراتيجية الأميركية، وظهور فرص وتهديدات في مناطق أخرى على رأسها القارة الآسيوية.

الملف التركي

 تعتبر قضية خلافية ما بين المرشحين الرئاسيين، بسبب علاقة ترامب الوثيقة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان. فعارض البيت الأبيض بقوة فرض عقوبات أميركية على أنقرة عندما اشترت تركيا نظام الصواريخ الروسي S-400، وأبدى ترامب استعدادًا أكبر للتراجع أمام الضغوط التركية في سورية. في 24 إبريل/ نيسان 2020، وفي توبيخ مباشر للسلطات التركية، من جانبه تعهّد بايدن بأنه، في حال انتخابه، سيدعم قراراً يعترف بالإبادة الجماعية للأرمن وسيحافظ، أيضًا، على انتقاده قرار ترامب المفاجئ في عام 2019 بسحب القوات الأميركية من سورية، والذي سمح بالتوغل التركي. فقد قال بايدن آنذاك إن ترامب “باع الأكراد في سورية".

دعم جو بايدن الحرب على العراق عام 2003، وكان صاحب مشروع تقسيم العراق إلى مناطق فدرالية، لكنه تراجع عن مواقفه هذه في ما بعد، وأيد انسحاباً أميركياً من أفغانستان في 2010

الصراعات والحروب في الشرق الأوسط

يعتبر ترامب أن الذهاب للحرب في الشرق الأوسط كالحرب على العراق عام 2003، كان أسوأ قرار في تاريخ الولايات المتحدة. يتحدث أن الولايات المتحدة أنفقت ثماني تريليونات دولار في القتال، ورحل الآلاف من الجنود مقابل القيام بدور الشرطي في الشرق الأوسط. من هذا المنطلق يعارض ترامب بشدة الخوض في حروب وصراعات.

بالمقابل دعم جو بايدن الحرب على العراق عام 2003، وكان صاحب مشروع تقسيم العراق إلى مناطق فدرالية، لكنه تراجع عن مواقفه هذه في ما بعد، وأيد انسحاباً أميركيا من أفغانستان في 2010، وأصبح لا يحبذ وجوداً عسكرياً ثقيلاً في العراق وسورية، إنما أيضا لن يتسرع في الانسحاب في حال انتخابه رئيساً. فهو يؤيد كما قال في المناظرات إبقاء قوة عسكرية خاصة في سورية. لكنه مع ذلك سيحاول تمييز نهجه عن نهج إدارة ترامب في الشرق الأوسط من خلال اقتراح بعض الفروق الدقيقة.

الملف الإيراني

على الرغم من معارضة الديمقراطيين لنهج ترامب المتشدد تجاه طهران، إلا أنهم لا يُمكنهم إلغاء العقوبات المفروضة على طهران. وقد يتدخل الديمقراطيون مستقبلًا لمنع فرض مزيد من العقوبات على طهران، حيث إن العقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران ليست فعالة بعدما قامت الولايات المتحدة بمنح استثناءات واسعة لبعض الدول الأوروبية والآسيوية المستوردة للنفط الإيراني من العقوبات.

سيحاول بايدن، تعزيز الخيار الدبلوماسي في التعامل مع إيران مع استخدام أسلوب العقوبات. وسيدافع بايدن بلا شك عن الاتفاق النووي مع إيران باعتباره أحد إنجازات السياسة الخارجية الرئيسة للرئيس السابق باراك أوباما.

لبنان

الولايات المتحدة تخشى دخول لبنان في دوّامة الفوضى، كما أن الاندفاعة الأميركية في مسألة التطبيع العربي مع إسرائيل، ​قد تتعرض للفرملة إذا ما تم خلط الأوراق في لبنان وتدهور الوضع مع إسرائيل. الأميركيون دخلوا على الخطّ اللبناني بشكل مباشر بعدما كانوا يتمترسون خلف المبادرة الفرنسيّة، ويبدو واضحًا أنّ السياسية الأميركيّة تهدف إلى وقف الانهيار في لبنان بأي شكل من الأشكال من خلال الوصول إلى حكومة جديدة للتوصل إلى اتّفاق مع صندوق النقد الدولي​ ووضع البلد على سكّة الإنقاذ.

فبالتالي الملف اللبناني لن يتغير بين الديمقراطي والجمهوري و لكن التأثير سيكون في التكتيك والتوقيت بين الطرفين، وخصوصا أن الملف اللبناني متعلق بالاتفاقات الجانبية بين أميركا و إيران. والطرفان متجهان إلى تسوية مع إيران على الأقل جزئية، والملف اللبناني متصل بمؤشرات التطبيع في المنطقة إضافة الى ملف الترسيم بين لبنان وإسرائيل. تاريخياً لبنان لم يتأثر بالانتخابات الأميركية، ولكن اللهفة اللبنانية بخصوص انتخابات 2020، هي بسبب معرفة التكتيك المقبل أكثر وليس السياسة المقبلة، لأن السياسة العامة لن تتغير تجاه لبنان.