الرواية ومن بدعها
لمياء شرف
أتمدد كل ليلة وبين يدي رواية، قبل أن أنتهي من صفحة ألهث خلف الأخرى لتروي عطش فضولي، يتعدد الأشخاص وتتشابك الأحداث تنفرج عقده لتأتي ثانية تطول الحكاية ولا تقصر، وهذا هو التعريف البسيط للرواية.
الرواية ليس لها تاريخ طويل، فن أدبي حديث، يمكن أن يستمر لعصور قادمة ويمكن أن ينتهي مع ظهور الأحداث، ولكن الأكيد أن "الرواية" هي الفن الذي يتربع على العرش الآن، يطلبه القراء ليبقى بين أيديهم، ويطلبه المنتج ليتحول لرواية مرئية على الشاشة.
فإليكم حكاية الرواية وكيف جاءت إلينا؟!
ظهرت الرواية كجنس أدبي في أوروبا في القرن الثامن عشر، وجاء شغف العرب بفن الرواية نتيجة اطلاع بعض الرموز التي درست في الجامعات الأوروبية على تلك الفنون الأدبية، فبدأت حركة الترجمة إلى اللغة العربية لبعض الروايات الفرنسية والإنكليزية والروسية.
واعتبر رفاعة الطهطاوي أول مصري يقوم بترجمة رواية فرنسية إلى العربية، "مواقع الأفلاك في وقائع تليماك".
تنكر "محمد" من " زينب" ولم ينسبها إليه، وبعد خمسة عشر عاما أعلن نسبها، بعد أن كانت بتوقيع "فلاح مصري". خشي محمد حسنين هيكل أن يرفق اسمه بأول رواية كتبها "زينب" بسبب وظيفته كمحام وهيبته، فمهنة الكتابة حينها كانت عمل غير جاد وهو للتسلية.
دخلت الرواية العربية في مرحلة نضوج وذاعت شهرة العديد من الروائيين العرب، فتُرجمت أعمالهم إلى لغات أجنبية وكان أبرزهم نجيب محفوظ الذي لقب بـالأب الروحي للرواية العربية
صدرت رواية " زينب" عام 1914 واعتبرها مؤرخو الأدب وكثير من الدارسين، العمل الأهم والمؤسس للرواية العربية، وسجل هيكل في مقدمة الرواية في الطبعة الثانية أنه بعد نحو 15 عاما جرؤ على كتابة اسمه الصريح على غلافها وأنه كان يخشى أن تقضي صفة الكاتب القصصي على اسم المحامي.
وتُعد رواية "زينب" أول رواية جرى إنتاجها سينمائيا مرتين، المرة الأولى كفيلم صامت في عام 1930، والثانية كفيلم ناطق في عام 1952.
لمعت أسماء في سماء الرواية العربية من أصحابها زينب فواز، طه حسين، محمود أحمد السيد، إبراهيم عبد القادر، توفيق الحكيم، عباس محمود العقاد، محمود تيمور. وتحول الكثير منها لأعمال سينمائية ودرامية مثل بين القصرين، قصر الشوق، السكرية، اللص والكلاب، جميعها للكاتب نجيب محفوظ، وروايتي "نادية" و"الليلة الأخيرة" للكاتب يوسف السباعي.
دخلت الرواية العربية في مرحلة نضوج وذاعت شهرة العديد من الروائيين العرب، فتُرجمت أعمالهم إلى لغات أجنبية وكان أبرزهم نجيب محفوظ الذي لقب بـالأب الروحي للرواية العربية باعتباره الروائي العربي الذي نال جائزة نوبل في الآداب.
وفي طور جديد للنضوج بدأت الدول الالتفات لكتابها والعمل على تحفيزهم بعقد جوائز سنوية لتشجيع الكتاب والأدباء منهم: جائزة البوكر العربية في مدينة أبوظبي على غرار جائزة البوكر البريطانية وهي مدعومة منها أيضًا.
فالروايات الفائزة بالجائزة تتم ترجمتها للغة الإنكليزية، ولغاتٍ أخرى مثل: الفرنسية، والألمانية، والنرويجية، والإندونيسية. ويتم تسويقها عالميًا، ويحصل الكاتب بجانب هذه الشهرة، على جائزة مالية كبيرة له، ولمن يصل للقائمة القصيرة، أيضًا الدار الناشرة للرواية الفائزة، تزدهر مبيعاتها، ومبيعات الكاتب أيضًا.
أوّل مَن فاز بهذه الجائزة في دورتها الأولى عام 2008، هو الروائي المصري بهاء طاهر عن روايته الشهيرة "واحة الغروب"، عن دار الشروق بالقاهرة، الرواية حوّلت لمسلسل تليفزيوني شهير. هذه الجائزة لا تمنح إلَّا في مجالٍ واحد، وهو مجال الرواية، وربما هذا ما يميزها عن غيرها مِن جوائزٍ أخرى.
وأطلقت المؤسسة العامة للحي الثقافي في الدوحة - كتارا، جائزة كتارا للرواية العربية، بدعمها وتحت إشرافها، وتهدف إلى ترسيخ حضور الروايات العربية المتميزة عربياً وعالمياً، وإلى تشجيع وتقدير الروائيين العرب المبدعين، وتقوم الجائزة بترجمة أعمال الفائزين إلى اللغات الإنكليزية والإسبانية والفرنسية، كما تُعنى بتحويل الرواية الصالحة فنياً إلى عمل درامي، ونشر وتسويق الروايات غير المنشورة، كمزايا إضافية للفائزين.
وأيضا جائزة الشيخ زايد للكتاب، جائزة نجيب محفوظ، جائزة الملتقى للقصة القصيرة، جائزة الطيب صالح العالمية.