الذكاء الاصطناعي... تصوير مقطعي
كان التصوير المقطعي المحوسب (CT)، الذي تمّ اختراعه في السبعينيات، أوّل طريقة متاحة للتصوير المباشر للدماغ، ولا تزال طريقة التصوير الأساسية المستخدمة لهذا الغرض. يُستخدم التصوير المقطعي المحوسب غير المتباين للدماغ (NCCTB) بشكل شائع للمرضى الذين يُشتبه في إصابتهم بأمراض داخل الجمجمة.
في طبّ الطوارئ، يتيح هذا التصوير المقطعي (NCCTB) التشخيص السريع وتوفير الرعاية في الوقت المناسب للمرضى. وقد تمّ إجراء أكثر من 15 مليون دراسة حوله (NCCTB) في عام 2016 في الولايات المتحدة الأميركية. حتى بين قرّاء الأشعة الخبراء، تمّ الإبلاغ عن أنماط عديدة من الأخطاء للكشف عن الاحتشاء، ولمعالجة هذه المشكلات، بُذلت محاولات لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي للتخفيف من الأخطاء ومساعدة الأطباء في التفسير بعد أن كثُر استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية، وبات يُعتمد عليه في التشخيص وإنتاج الأدوية وتحسين سير العمل داخل أروقة المستشفيات، وبين الأقسام الطبية وغيرها.
مؤخّراً وَجدت دراسة أنّ اختصاصيي الأشعة يمكنهم تقييم فحوصات الدماغ المُعقّدة بشكل أسرع وأكثر دقة عندما يستخدمون الذكاء الاصطناعي باعتباره "زوجًا ثانيًا من العيون". كما وجد الباحثون أنّ أخصائيي الأشعة يمكنهم تفسير الأشعة المقطعية لنزيف الدماغ بشكل أكثر دقة بنسبة 32%، وأسرع بنسبة 11%، عندما تتم مساعدتهم بالذكاء الاصطناعي.
أظهرت هذه الدراسة أيضاً، أنّ استخدام نظام برمجي شامل قائم على الذكاء الاصطناعي في بيئة خاضعة للرقابة يساعد أطباء الأشعة في الكشف عن مجموعة من التشوّهات في الأشعة المقطعية غير المتباينة للدماغ، كما أنّ المساعدة التي يقدّمها نموذج التعلّم العميق الشامل تسهم في تقليل الوقت اللازم لأخصائيي الأشعة بشكل كبير لتفسير فحوصات التصوير المقطعي المحوسب للدماغ.
تستخدم هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا، هذه التكنولوجيا في العديد من مستشفياتها، على الرغم من إجراء البحث في أستراليا. ولقد قارنت الدراسة المنشورة في المجلة الأوروبية لعلم الأشعة، مدى دقة تمكّن 30 متخصّصًا في الأشعة من اكتشاف "النتائج السريرية" في 2848 عملية مسح معقدة للدماغ بالأشعة المقطعية بمساعدة نظام التعلّم العميق الذي أنشأته شركة nnaliseA، وهي شركة أسترالية للذكاء الاصطناعي لديها مكاتب في المملكة المتحدة، ووجد الباحثون أنّ الذكاء الاصطناعي كان مفيدًا بشكل خاص في مساعدة أطباء الأشعة على تفسير أصعب عمليات فحص الدماغ.
الذكاء الاصطناعي كان مفيداً بشكل خاص في مساعدة أطباء الأشعة على تفسير أصعب عمليات فحص الدماغ
وقال الباحث كوينلان بوشلاك، من جامعة نوتردام أستراليا في سيدني: "إنّ مساعدة الذكاء الاصطناعي حسّنت بشكل كبير دقّة كشف الأشعة عبر مجموعة واسعة من النتائج السريرية وأظهرت إمكانية تحسين تفسير فحوصات الدماغ المعقدة".
على الرغم من صعوبة اكتشاف بعض النتائج بالنسبة لأخصائيي الأشعة، إلا أنّ التشوّهات الدقيقة كانت موجودة بشكل عام في الأشعة المقطعية التي سمحت بالكشف عن طريق نموذج الذكاء الاصطناعي. إنّ التحسّن الكبير الذي حقّقه أخصائيو الأشعة في اكتشاف هذه الأشياء بمساعدة النموذج، يشير إلى أنّ النتائج كانت مرئية للعين البشرية على الرغم من أنّها غالبًا ما يتم تفويتها في الجزء غير المساعد من الدراسة.
وفي السياق أعرب استشاري الأشعة في مستشفيات جامعة كوليدج لندن والأكاديمي السريري في جامعة كانتربري، كرايست تشيرش نيك وزنيتزا، قائلاً: "تُضيف هذه الدراسة التي أجريت بشكل جيد دليلاً إضافيًا آخر، يشير إلى أنّ أدوات الدعم السريري بالذكاء الاصطناعي دقيقة وتحسّن عمل أطباء الأشعة عند مراجعة الأشعة المقطعية للدماغ".
اعتمدت الدراسة على قراءات لأخصائيي الأشعة في أستراليا بمساعدة باحثين من عدّة جامعات هناك، وبقيادة جامعة نوتردام الأسترالية في سيدني، حيث تمّ تدريب نموذج التعلّم العميق الذي يتم فحصه باستخدام 212484 عملية مسح مأخوذة من مجموعة أشعة خاصة في أستراليا.
مما لا شك فيه أنّ تقنيات الذكاء الاصطناعي دخلت أدق العمليات الطبية، سواءً على مستوى التشخيص الدقيق أو العلاج، وهذا لا ينفي التحدّيات ذات الصلة حول هذه التقنيات وسوء استخدامها.