الأردن... الأعلى في معدلات الطلاق

09 فبراير 2023
+ الخط -

قد يرى البعض أهمية فاعلية برامج المقبلين على الزواج والمتزوجين حديثاً، من حيث كونها مهمة في محاصرة الطلاق الذي زادت نسبته في جميع البلاد العربية، في حين قد يرى آخرون أنها غير فاعلة، ولم تساهم في تحقيق الأهداف المرجوة منها. ولكن هل هناك متابعة وتقييم مستمر لأوضاع الأسر التي تلقت التدريب لمعرفة مدى تأثيره الإيجابي في علاقتهم ببعضهم البعض وعلاقتهم بأسرهم؟ 

يبدو أنّ زيادة الإقبال على دورات تأهيل المقبلين على الزواج التي يتم عقدها من قبل جهات مختصة، بهدف إكساب المشاركين والمشاركات حزمة من المعلومات الشرعية والقانونية والاجتماعية، فضلاً عن إكسابهم المهارات اللازمة لفهم طبيعة العلاقة الزوجية والأسرية، لم تجد نفعاً كما كان متوقعاً. ففي مقابلة متلفزة على إحدى القنوات الأردنية، فجرت الدكتورة في علم الاجتماع في الجامعة الأردنية، ميساء الرواشدة، مفاجأة من العيار الثقيل، مفادها أنّ الأردن هو الأعلى في نسب الطلاق في العالم العربي بالمقارنة مع عدد السكان، وتملّك حينها الارتباك نشطاء المجتمع المدني وغيرهم من المعنيين.

زيادة الإقبال على دورات تأهيل المقبلين على الزواج، لم تجد نفعاً كما كان متوقعا

إذن، لا بدّ من التأكيد من جديد، على أنّ الأسرة هي نواة المجتمع، فهي توفّر بيئة حيويّة لتطوير الخصال والقدرات من خلال الأداء المتآلف لأعضائها، وتقوية أواصر المحبة التي تجمع أعضاءها والحفاظ عليها ضرورة قصوى، لأنّ الأسرة تجسّد حقيقة أنّ رفاه الفرد مرتبط ارتباطاً لا ينفصم عن تقدّم ورفاه الآخرين. وكانت الخبيرة قد صرحت في مقابلتها، بأنّ غالبية الخلافات الزوجية المؤدية للطلاق أسبابها مادية، وأنّ عدداً من أرباب المنازل يتخلون عن دورهم الرئيسي بسبب عدم قدرتهم على تأمين احتياجات أسرهم، وفق ما تقول الدراسات. وهو ما يوضح سبب آخر لارتفاع حالات الطلاق، بالإضافة إلى العنف الأسري، وغياب التكافؤ، وعدم القدرة على تحمّل المسؤولية. وإن كانت العوامل الاقتصادية تطفو على السطح في أسباب الطلاق، فمن الأجدر إذن أن تكون فترة الخطوبة فترة للحوار الصادق بين الخطيبين، يتحدثون فيها بكلّ وضوح عن آمالهم في كيفية تنشئة أطفالهم، وكيفية السير قدماً في رحلتهم الجديدة بالرغم من بعض العواصف والرياح التي سيمرون بها في هذه الرحلة سوياً، بدلاً من النقاش حول مصاريف الزفاف وتكاليف التجهيزات وغيرها، متناسين الأمور الجوهرية للزواج وتأسيس الحياة العائلية. 

التقييم من كافة المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني أصبح مطلباً ضرورياً للبحث الجاد عن الارتفاع الكبير في حالات الطلاق. وقد يتطلّب أيضا حملة طويلة المدى لوضع خطة استراتيجية شاملة، مع ضرورة تعليم المقبلين على الزواج  ما هي فلسفة الزواج وتكوين أسرة، وما أثره على المجتمع ككل. فالوقاية خير من العلاج، لأنّ الطلاق يُحدث خللاً في المجتمع، ناهيك عن الخلل الحاصل حالياً من جرّاء تراجع القيم وانحسار المسؤولية العائلية، خاصة وأنه في بعض الأحيان، لا يتعلّم الأبناء داخل الأسر المفككة كيف أنّ العلاقة ما بين الزوجين يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل والمساواة، علاقة يحكمها مبدأ المشورة، ومجرّدة من مظاهر استعمال القوة لانصياع طرف لرغبات الآخر. 

68A247F7-2E17-41D0-936C-12D2B63A726B
تهاني روحي

صحافية وكاتبة ومحاضرة في حقوق الإنسان والتغيير الاجتماعي والإعلام والمسؤولية الاجتماعية وحوارات الأديان. وطيلة 25 عاما من خبرتها، تناولت القضايا الاجتماعية المتعلقة بحقوق الأقليات واللاجئين وقضايا النوع الاجتماعي. وهي منخرطة أيضا في رفع مستوى الوعي في الحوار مع الآخر المختلف، والعمل الاجتماعي.