اتحاد الكتاب المجرمين العرب
في سهرة الإمتاع والمؤانسة لم يعد موضوع فصل الرفيق الدكتور رفعت الأسد من اتحاد الكتاب العرب هو المهم.. فالحكاية تشعبت، وذهبت في اتجاهات لا تخلو من الطرافة.
في البداية، ألقى الأستاذ كمال الضوء على نقطة مهمة جداً تتعلق بسهراتنا. قال إننا نلاحق الأحاديث والقصص الغريبة والشاذة، لأنها ممتعة، ومؤنسة، ولا نهتم للقصص والأخبار العادية، لأنها غير مثيرة، فمثلاً؛ لو كان انتساب الضباط والمجرمين إلى اتحاد الكتاب العرب أمراً طبيعياً لما أثارنا خبرُ انتساب رفعت الأسد إليه وبقائه محتفظاً بالعضوية حتى سنة 2011.
أم ماهر: لو كان بيحق للمجرمين ينتسبوا لاتحاد الكتاب العرب كنا منسميه (اتحاد الكتاب المجرمين العرب)!
كمال: بصراحة يا أم ماهر تعليقك ذكي جداً، ولعلمك، اتحاد الكتاب العرب فيه ناس أوادم وطيبين، وفيه كتاب حقيقيين، ومع ذلك تمكن نظام الأسد من تحويلُه لمؤسسة فاسدة، وفي الفترة الأخيرة زادت الأمور عن حدها بسبب الهستيريا اللي عم يمر فيها النظام بعد الثورة..
أم الجود: يا ريت تضرب لنا أمثلة. بصراحة؟ أنا ما عم إفهم.
كمال: إذا بتصبري علي أكيد راح تفهمي.
وفتح موبايله، وراح يقرأ رسالة وصلته عبر "الواتس أب" تتضمن خبراً ملفتاً، ينص على أن رئاسة اتحاد الكتاب العرب بدمشق كلفت المُخْبِر الإدلبي الشهير (الذي لقبناه ذات يوم: أبا فستوك)، بإقامة أمسيات شعرية لأعضاء اتحاد الكتاب في مختلف أنحاء القطر العربي السوري الصامد، واشترط أبو فستوك الذي نشر نص هذا التكليف على صفحته الفيسبوكية، أن يكون مضمونُ القصص والأشعار التي سيلقيها الزملاء الأدباء في الأمسيات ذا علاقة وطيدة بموضوع التصدي للمؤامرة الكونية التي تستهدف صمود سورية بقيادة بشار الأسد، ويجب التركيز بشكل خاص على موضوع مكافحة الإرهاب.. فمَن يرغب بإقامة أمسية في أي فرع من فروع الاتحاد، أو أيٍّ من المراكز الثقافية ليتكرم ويكتب لـ أبو فستوك على الخاص.
وقال كمال معقباً على الخبر: بالمناسبة، "أبو فستوك" عانى شخصياً من الإرهاب، بدليل الحادثة اللي صارت معه في بداية الثورة.
أم ماهر: لو كان بيحق للمجرمين ينتسبوا لاتحاد الكتاب العرب كنا منسميه (اتحاد الكتاب المجرمين العرب)!
أبو محمد (باهتمام): أيش صار معه؟
كمال: المخبر أبو فستوك من اختصاص صديقنا أبو المراديس، لأنه بيعرفُه عن قرب، ومو بس بيعرفه، كان أبو فستوك متخصص فيه، كل يومين أو تلاتة كان يستفقده بتقرير، ويخليه يزور إما فرع الأمن العسكري، أو فرع الأمن السياسي، أو فرع أمن الدولة، وكلما انتهى أبو المراديس من زيارة الفروع التلاتة كان أبو فستوك يصفقه تقرير يخليه يعيد الدور!
أبو المراديس: كلام الأستاذ كمال صحيح. وبالنسبة للحادثة اللي صارت معه في ناس اتهمونا نحن كتاب محافظة إدلب اللي طلعنا بالثورة بالتآمر عليه، وقالوا إنه نحن حرضنا أهل ضيعته ضده. لكن والله العظيم نحن ما حرضنا عليه، مع إنه هوي كان هاري جلودنا بالتقارير.
أبو محمد: حرضتوا ولا ما حرضتوا، عم نسألك: أيش صار معه؟
أبو المراديس: أنا، في يوم من أيام شهر أيار مايو من سنة 2011، دخلت على "دكان الثورة"، لقيت الشباب فاتحين سيرة أبو فستوك، ولما شافوني استبشروا، وقال واحد منهم: هه، ليكه أبو مرداس وصل. هادا زميل أبو فستوك في اتحاد الكتاب.
حنان: عفواً. أشو هي دكان الثورة؟
أبو المراديس: كان بحارتنا في مدينة إدلب دكان أطلقنا عليها اسم "دكان الثورة"، لأن الشباب اللي بيطلعوا مظاهرات كانوا يلتقوا فيها يومياً بعد الساعة خمسة المسا، وكل واحد يحكي للآخرين اللي شافه، واللي صار معه في المظاهرة، أو في البيت، وأيش سمع أخبار هون وهون. وخلال فترة قصيرة تحولت لمكان تجمع للثوار، وفي بعض الحالات كانوا الشباب يدخلوا لجوة الدكان ويكتبوا لافتات ثورية ويستخدموها في مظاهرة اليوم التالي، ولما تمر مظاهرة قدام الدكان كان الحر الشديد يخلي المتظاهرين يعرقوا، وتنشف رياقهم، فيحط صاحب الدكان قناني مي باردة ع الباب، وأحياناً يفتح قناني كازوز ويضيّف المتظاهرين.. المهم لما قال واحد من الموجودين (هادا أبو فستوك زميله لأبو مرداس) أنا قلت له إنه أبو فستوك مو من مدينة إدلب، فإنته كيف بتعرفه؟ قال لي: أنا ما بعرفه شخصي، لكن سمعته إنه هوي عضو اتحاد الكتاب العرب، وأهل ضيعته بيقولوا إنه بيكتب تقارير للأمن العسكري، والبارحة كانوا طالعين مظاهرة في الضيعة، وبالصدفة لقوه بطريقهم، وصاح واحد من المتظاهرين: شبيح شبيح.. وهاي الكلمة متلما بتعرف إلها حساسية كبيرة عند الثوار، فهجموا عليه، وكانوا بدهم يمسحوا فيها الأرض، لكن العم "أبو ربحي" الرجل المحبوب اللي أهل الضيعة بيسمعوا كلامه قال لهم: اتركوه، لا حدا يقرب عليه. أنا بدي أحقق معه. وأخدوه على بيت أبو ربحي، وقعد، وصار يستجوبه، وأثناء الاستجواب دخلوا كم واحد من المتظاهرين وحكوا لأبو ربحي إنه هادا أبو فستوك دائماً بيكون عريف حفل في المهرجانات الخطابية بمدينة إدلب، وإنه مو بس بيعيش بشار الأسد، كمان بيعيش محروق النَفَس حافييظ، وفي واحد حكى لأبو ربحي إنه مرة اعتقلوا إبنه في الأمن العسكري وهادا أبو فستوك أخد منه مصاري منشان يتوسط له عند رئيس الفرع حتى يخلي سبيله، وما أخلى سبيله، وأبو فستوك ما رَجَّع له المصاري. وفي مجموعة من المتظاهرين اقتحموا بيت أبو فستوك ولقوا صورة بشار الأسد معلقة عنده في البيت، فشالوها وجابوها لعند أبو ربحي وقالوا له: تفضل لقيناها صورة هادا الواطي في بيت هادا الواطي. وبوقتها قرر أبو ربحي إنه يبعت رسالة لكل الشبيحة من أبناء هالمنطقة.
أم زاهر: رسالة؟ يعني بده يكتب رسالة عادية ويبعتها معه؟
أبو المراديس: لأ، هيي رسالة من نوع خاص. أبو ربحي قال للموجودين: روحوا ابعتوا لي الخطاط، خلي يجيب معه دهان وريشات تخطيط. بعتوه. بوقتها أوعز أبو ربحي لأبو فستوك إنه يشلح بنطلونه، شلح، وطلب من الخطاط يكتب على قفاه (عاش الرفيق المناضل بشار الأسد).. كتب. قال لأبو فستوك: قوم البس بنطلونك وانقلع. يوميتها أبو فستوك غادر المكان متل سيخ النار، وراح دغري على فرع الأمن العسكري بإدلب وصار يصيح: تعالوا شوفوا أيش عملوا فيني الإرهابيين الكلاب.
ومن وقتها أبو فستوك بيكره الإرهابيين بشدة.
(وللحديث صلة).