أين المشكلة في اليمن؟
تلوّثت العملية السياسية في اليمن واتسخت لوساخة لاعبيها، سواء من يمارسها بالحديد والنار في الداخل، أو بكل قذارة ووضاعة مع حفنة من الدولارات من وراء الحدود.
ولا تقتصر المشاكل السياسية في النظام السياسي في اليمن على مرحلة ما بعد فوضى 2011، أو انقلاب 2014، فكلاهما سيان، سواء كانت تسويات سياسية أو مناصفات حكومية أو تفاهمات مجلس رئاسي، حيث تكمن المشكلة بأنّ كلّ طرف يريد تنفيذ أجندات حزبه وما وراءها من مشاريع وأجندات إقليمية. ويدخل ضمن هذا الإطار كلّ من يمارسون الثورية أو الجمهورية، وصولاً إلى التحرّر من الاحتلال، فهرطقات الحوثية بمحاربة أميركا وإسرائيل.
أم الكوارث الاستراتيجية تكمن عندما يتبوّأ أحدهم منصب وزير أو وكيل، قائد أو رئيس، سفير أو ملحق... هو يبقى في نهاية الأمر ممثلاً عن حزبه أو جهته السياسية أو راعيه الإقليمي، وبالتالي تنفيذ أجندات خارج إطار مصلحة الشعب العليا، وصولاً الى هدر المال وإهمال تنمية البلاد، وسوء استغلال السلطة.
تكمن المشكلة في اليمن بأنّ كلّ طرف يريد تنفيذ أجندات حزبه وما وراءها من مشاريع وأجندات إقليمية
المشكلة السياسية والاستراتيجية في اليمن هي مشكلة بنيوية بحتة تتعلق بمجمل النظام السياسي القائم، فجميع القوى السياسية في اليمن تخشى الخوض في صراع الإصلاح السياسي، لأن ذلك سيفقدها بكلّ بساطة مواقعها ونفوذها ومكتسباتها المالية والتنفيذية والسياسية على أرض الواقع.
هذا يضعنا بمواجهة سؤال: أين الخلل الذي أصاب الدولة اليمنية بالتحديد؟
بالنسبة للشرعية فهو غياب القانون واستبدال الحكم الرشيد بالفوضى السياسية والتغوّل الحزبي والمليشاوي، أما في ما يخص جماعة الحوثي الانقلابية، فالقضية لا ترتبط بشخوص يتوجب الإطاحة بها أمثال عبد الملك الحوثي، أو محمد الحوثي، أو أبو علي الحاكم، أو العديد من المسميّات الحوثية الأخرى، بقدر ما أنّ المشكلة تكمن في غسيل الأدمغة، وصناعة القتلة والشبكة الدينية الحاكمة، والتي قمّة هرمها تكمن في طهران، وما ذراعها في اليمن إلا واجهة تخريبية جعلت من اليمن ساحة تصفية لحسابات إقليمية.
نخلص إلى القول إنّ الحل في اليمن لا يكمن في تغيير الشخوص فقط، بل بتوجب حدوث تغيير شعبي كامل، بحيث يشمل هياكل النظم السياسية، والمنظومة القيادية والحزبية الحاكمة، والمسرح السياسي والاستراتيجي اليمني الذي سبق الحديث عنه.