أساليب الإشراف التربوي ووسائله
تتنوّع الأقسام المتصلة بالتربية والتعليم، ومنها قسم الإشراف التربوي، والذي يُصنّفُ من بين الوظائف التربوية والتعليمية المهمة، والتي تُعنى بمتابعة سير العملية التعليمية المدرسية؛ لذلك يُعدُّ المشرف التربوي من العناصر البشرية ذات الدور المهم في تحسين مستوى أداء المعلمين، والمساهمة في تحقيق النتاجات المطلوبة من الدروس، فيُعرّفُ الإشراف التربويُ بأنه دراسة الوضع الحالي لأداء المعلم؛ عن طريق توظيف مجموعة من الأساليب والوسائل، وأدوات تقويم الأداء؛ بهدف رفع كفاءة التعليم والتعلّم، والذي يزيد من فرصة تطوّر الطلاب، وتحفيزهم نحو الإنجاز والإبداع، وأيضًا يُشير مفهوم الإشراف التربوي إلى واجبات المشرفين العاملين في التعليم، والمختصين بمتابعة مجريات العمل في المؤسسات التعليمية، ضمن متطلبات العمل التعليمي والتربوي، والاطلاع على تنفيذ المعلمين لمهامهم وفق المعايير المطلوبة، والتأكّد من أن الطلاب يتلقون أفضل تعليم داخل المدرسة.
يستخدمُ المشرف التربوي عددًا من الأساليب والوسائل الإشرافية التي تساعدهُ على أداء عمله بطريقة صحيحة، وتُقسم هذه الأساليب إلى نوعين فردية وجماعية؛ حيث تنفّذُ الأساليب الفردية على معلمٍ بذاتهِ، ويتواصلُ فيها المشرفُ مع المعلم؛ بهدف تقييم أدائه، وتحديد مهاراته، ومدى قدراته الشخصية والوظيفية؛ لتحقيق النتاجات المطلوبة، أمّا الأساليب الجماعية، فتستهدفُ مجموعةً من المعلمين، وتجمعهم في مكانٍ واحد أو قاعة تدريبية؛ بغرض تدريبهم على مهارات أو أدوات جديدة، وغالبًا تجمعُ هذه الأساليب المعلمين الذين يتشابهون معًا في تخصصٍ واحد أو مجالٍ أكاديمي.
كثيرةٌ الأمثلة على أساليب الإشراف التربوي ووسائله في البيئة التعليمية، والتي يستخدمها المشرف التربوي أثناء تنفيذ عمله، ومنها: الزيارات الصفية، وهي زيارة المشرف للمعلم في الصف أثناء إعطائه الدرس للطلاب، وتُعدُّ طريقة شائعة في الإشراف، حيثُ يُتابعُ فيها المشرف تنفيذ الدرس، ويُدَوّنُ ملاحظات حول أداء المعلم، ومستوى تحصيل الطلاب، والانطباعات التي تشكّلت لديه بعد انتهاء الدرس، وأيضًا يستخدم المشرف أسلوب اللقاءات والاجتماعات التربويّة، فيعقدُ اجتماعًا أو لقاءً مع المعلمين؛ بهدف توجيههم وتحسين أدائهم، وتزويدهم بمجموعة من الأفكار والخطط، التي تساعدهم على أداء وظيفتهم بأفضل الطرق.
وتعدُّ ورشات العمل من الوسائل الاشرافية كثيرة التطبيق، والتي تضم مجموعة معلمين يدعوهم المشرف إليها، ويوظّف فيها جهاز الحاسوب أو الوسائل التعليمية أو إحدى استراتيجيات التدريس، لتعريفهم بمهارةٍ أو فكرة معينة؛ من أجل زيادة خبراتهم ومهاراتهم المكتسبة، ومن وسائل الإشراف المستخدمة المعروفة بالنشرات الإشرافية، وهي وسيلة مكتوبة يُعدّها المشرف التربوي، ويُوزّعها على المعلمين في المدرسة، وتهتمُ بمجموعة من المجالات والتخصصات الأكاديمية، فمثلًا قد تكونُ نشرات عامةً تتحدثُ عن أساليب التدريس، وأدوات التقويم واستراتيجياته، أو نشرات خاصّةً بمبحثٍ معين، والهدف منها إثراء خبرات المعلمين، واطلاعهم على مستجدات العملية التعليمية والتربوية.
أرى أن بعض المشرفين قد يوظّفون واحدة أو اثنتين من الأساليب والوسائل الإشرافية عند أداء مهامهم، ويغفلون الباقي، فيستخدمُ المشرفون غالبًا أسلوب الزيارة الإشرافية، الذي يعدّ من أكثر الأساليب استخدامًا؛ بسبب أن النمط الوظيفي للمشرف يعتمدُ على العمل الميداني، وزيارة المدارس الموجودة في منطقة عمله، وخلال الزيارة يلتقي مع معلم أو أكثر في المدرسة الواحدة، ويطّلعُ على سجلات ودفاتر متابعة أداء الطلاب، وتدريس المادة، وقد يحضرُ حصة صفية، أو أدائية في المختبر أو المشغل، ثم يكتبُ تقريره، الذي يحتوي نقاط القوّة لدى المعلم، وملاحظاته حول أدائه، وفرص التحسين التي يقترحها، وتنتهي مهمته، مع إضافة اسم المعلم لسجل المتابعة والزيارات القادمة، ولكن بالطبع لا يمكن تعميم ذلك، فيحرصُ الكثير من المشرفين على تنويع أساليبهم الإشرافية، وتوظيف الأنسب منها، والتي تحقق التعاون والتشارك الفعّال مع المعلمين.
ينبثقُ نجاح عمل المشرف التربوي؛ من خلال تحقيق مجموعة أُسس، ومنها الاهتمام بتوظيف أكثر من وسيلة إشرافية أثناء متابعة أداء المعلمين، فمثلًا من الضروري استمرار عقد لقاءات واجتماعات تربوية، وورشات عمل، تشملُ تقديم مجموعة من الأفكار، والأدوات، والوسائل الداعمة لأداء المعلمين لوظائفهم، وبرأيي يكون ذلك أفضل من الزيارات المُفاجئة؛ خاصّة إذا كان المعلم جديدًا، ولا يمتلك الخبرة الكافية، كما يساهمُ إعداد النشرات الإشرافية المطبوعة أو المصوّرة عبر الفيديوهات، في تعزيز التطوّر الوظيفي لدى المعلمين، ويزيد من فرص نموهم المهني، ويُحسّنُ من إمكاناتهم التعليمية والتربوية.