ثباتٌ أكثر ثباتاً من الحضور، ولا خيالٌ ليمدّد قافلةً. عندئذ، تولد الجنّياتُ هناك وتزهر متناغمة مع نعاس أشجارٍ في غابات وتكتمل طبيعة النبتة الصامتة والصافية ويولد شيء رؤيوي مرة ثانية ويصبح حقيقياً أكثر، ملحّاً، متحركاً ويميز الغائب من حدقة عينه.
بعد الطوفان يجيء مباشرة طوفانٌ جديد/ وخلق جديدٌ - قبل الطوفان وبعده/ في الغصون الجديدة - الشيطان السابق/ الشمسُ متصلّبة وحادّة حديثاً/ وأرواحُ مادة جديدة تطيرُ فوق الماء/ جسدٌ منهك بأضلاع منخورة/ تحت شجرة جديدة - تفاحة منسية.
وكما يتراجع وجه الطبيعة الذي نعرفه/ ووجوهاً ألفناها تصبح غريبة/ وتصيرُ نَفس الشّبح الذي يتقهقر هارباً. هؤلاء ما زالو يركضون خلف الباص/ ليجدوا الجسر المتروك وقد صار مبنى مهجوراً يشعله العشب. الكلمة تتشظى، تصير ضفافها نَفَساً/ شبحاً/ حركة.
المدينة بصخبها وأوجاعها، بتداعياتها الدقيقة والسريعة، وتغيراتها العمرانية والإنسانية؛ تحتل حيزاً مهماً في قصيدة فاهي أرسن، الشاعر الأرمني المولود في يريفان(1978). قصيدة تسقط فيها ملاحظات شخصية وتاريخية. كذلك، تختلط اللغات والحدود بين الشخص والمكان، والعاطفة والكيان العمراني.