في وطني، أحرق رجل جسده بالبنزين لأنّه لم يجد اسمه في قائمة الذين أخذوا حقّهم في السكن. طال انتظار الرجل ولم يتحمّل عناء التشرّد والفاقة، فوضع حدّاً لحياته.
يصير الناس مع مرّ الأيام إلى أحوال لم تزر يوما خيال أسلافهم، يكونون في الدرك الأسفل من الحضارة ثم يرتقون حتّى يصبح ماضيهم الأسود مجرّد كابوس بعيد يذكرونه لماما، ويعبرون عليه عبور المسافر على محطات القطارات.
في القرن الماضي، كتب أحمد أمين مقالاً عنوانه "الشرق ينقصه الحب"، يصف فيه تبلّد مشاعر العربي وطغيان المادي على المعنوي في نفسه، ويغوص في غياهب الكبت التي ينطوي عليها وجدانه.
بداية، أعترف بأن صاحب هذه الأسطر ذاته يحمل لقناة "الجزيرة" عتاباً ولوماً وبعض المؤاخذات، التي يمكن أن يوجهها أيّ متابع لوسيلة إعلامية يحترمها ويثق في قدرتها على تقديم الأفضل.
ذهبت إلى مسجد بلدتنا في أول جمعة من شهر رمضان متأخّراً على غير العادة، تخطيت بضعة صفوف إلى أن وجدت مساحة فارغة بين رجلين خُيّل إلي أنهما خصمان متشاكسان.