سلفة لموظفي غزة وخيبة أمل من "التوافق"

03 أكتوبر 2014
الموظفون تزاحموا أمام البنوك لتلقي السلفة(عبدالحيكم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -

باكراً وقبل موعد الصرف، حضر آلاف الموظفين الحكوميين في قطاع غزة، من مدنيين وعسكريين، لتلقي سلفة مالية مقدارها 200 دولار، أمام فروع البريد الحكومي، والبنوك التي تتعامل مع الحكومة السابقة في قطاع غزة، وذلك بتبرع من حركة "حماس".
جاء ذلك، بينما أصيب موظفو غزة البالغ عددهم 45 ألفاً بخيبة أمل كبيرة، بعد الأحاديث المتكررة من قبل حكومة الوفاق الوطني، والتي كان آخرها قبل عدة أيام بصرف رواتب المدنيين المقدر عددهم بنحو 27 ألفاً بدعم من دولة عربية.
وبدأ صرف السلفة المالية مساء الخميس في فروع البنك الوطني الإسلامي وبنك الإنتاج وفروع البريد الحكومي، على أن يفتح البنك اليوم الجمعة أيضاً؛ لتمكين الموظفين الذين لم يتلقوا رواتبهم منذ أربعة أشهر من تدبير أوضاعهم في عيد الأضحى المبارك.
وأكد النائب في المجلس التشريعي عن كتلة حماس البرلمانية، مشير المصري لـ "العربي الجديد" تقديم سلفة بقيمة 200 دولار من حركته للموظفين البالغ عددهم 45 ألف موظف مدني وعسكري، أمام تخلي الحكومة الفلسطينية عن مسؤولياتها تجاههم.
وشدد المصري على أن حركة حماس لا يمكن أن تتخلى عن الموظفين الذين مارسوا أعمالهم في ظل أحلك الظروف.
وقال: "الموظفون لم يقصروا في أداء واجباتهم حتى خلال العدوان على غزة وتحملوا كامل المسؤولية، ولا يمكن أن يتركوا بهذه الحالة الصعبة".
السلفة التي تلقاها موظفو غزة كانت بمثابة "النجدة" لهم، رغم قلة المبلغ المدفوع مع حلول عيد الأضحى، وفي ظل أوضاعهم الاقتصادية السيئة والتي تعتبر من أسوأ الأوضاع التي مروا فيها، لكنها في الوقت ذاته لن تمكنهم من شراء كل مستلزماتهم، وسيقتصرون فقط على الأساسيات.
وأمام البنك الوطني الإسلامي وقف طابور طويل من الموظفين المتلهفين لاستلام السلف المالية، وقد بدت على ملامحهم علامات الإرهاق والتعب.
وقال الموظف حسين شومر "جاءتنا هذه السلفة في الوقت الضائع، هي لن تكفي لسد احتياجاتنا، لكنها ضرورية جداً في هذا الوقت الحساس".
وقال صديقه علي حمادة "منذ فترة طويلة وأنفاسنا محبوسة تجاه ما نسمع عن قضية الرواتب، وكل يوم نسمع المزيد من الأخبار التي تفيد بقرب صرف راتب كامل، وفي النهاية ثبت كذب كل تلك الشائعات، وهنا أتساءل أين دور حكومة الوفاق الوطني المسؤولة عن رواتبنا كاملة؟".
وأوضح حمادة ضرورة إنهاء معاناة آلاف الموظفين الذين يعيلون مئات آلاف المواطنين، وأضاف متسائلاً: "هل على الموظف الذي يقوم بأداء مهامه على أكمل وجه أن يتسول راتبه بهذا الشكل؟ يجب على الحكومة والجميع أن يقفوا أمام مسؤولياتهم تجاه هذه المهزلة".
ولم يستطع الموظف في حكومة غزة السابقة، والذي لا يزال على رأس عمله، سعيد السمري، الوفاء بوعده لأطفاله بأن يحضر لهم كسوة جميلة لعيد الأضحى الذي يحل عليهم، بسبب عدم تلقيه راتبه كاملاً وتراكم الديون عليه.
السمري أعرب عن خيبة أمله وزملائه من حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية التي لم تقدم لهم منذ تشكيلها سوى الوعود التي لم يتحقق أي منها، وقال إنه لم يعد يثق بأي من التصريحات التي تخرج منذ فترة حول قضية الرواتب.
ويوضح الموظف السمري لـ "العربي الجديد"، أن وضعه الاقتصادي سيئ للغاية، ولم يتمكن من توفير احتياجات منزله مع حلول عيد الأضحى، على الرغم من الوعودات التي سمع بها موظفو غزة من قبل وزارة مالية حكومة التوافق بقرب صرف رواتبهم كاملة، ولكن هذا لم يتحقق.
حال المواطن السمري لم يبتعد كثيراً عن حال أكثر من 45 ألف موظف من موظفي حكومة حماس السابقة، الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ خمسة شهور، إلا دفعة بسيطة من مستحقاتهم صرفتها غزة على عاتقها قبل شهر.
ولم يتقاضَ موظفو الحكومة السابقة، الذين عينتهم حركة "حماس"، راتباً كاملاً منذ ما يزيد على العام، ما زاد من معاناتهم، وفاقم الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها قطاع غزة.
أما موظف الأمن عبد الهادي شرف، الذي بدت عليه علامات اليأس من الحصول على راتب قبل حلول عيد الأضحى، يقول إنه منذ تشكيل حكومة الوفاق الوطني حتى اللحظة لم نحصل سوى على الوعود، والمماطلات التي زادت وضعنا سوءاً، ولم تراعِ ظروفنا المأساوية.
ويعتقد شرف في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن قضية الرواتب سياسية بامتياز، وأن الموظف هو من يدفع فاتورة الانقسام. ويضيف: "نحن لا ذنب لنا، ويجب على الحكومة توفير رواتبنا وإبعادنا عن المناكفات السياسية، يجب أن يثبت الجميع حسن نواياه في إنهاء معاناتنا المتفاقمة يوماً بعد الآخر".
بدوره؛ شدد نقيب الموظفين الفلسطينيين في قطاع غزة، محمد صيام، على أن حكومة الوفاق الوطني فقدت مصداقيتها عند موظفي القطاع وعند الشارع الفلسطيني، مؤكداً "أننا لم نتلق من الحكومة سوى التصريحات الاستفزازية والوعود الضبابية التي لم تتحقق أي منها حتى الآن".
وحمّل صيام في حديث لـ "العربي الجديد" حكومة الوفاق الوطني الآثار السلبية؛ نتيجة عدم صرف الرواتب منذ ما يزيد على أربعة شهور، مشيراً إلى أنه يجب أن تقف الحكومة الفلسطينية التي حَلّت بديلة عن الحكومتين السابقتين على مسافة واحدة من جميع الموظفين، خاصة وأن موظفي غزة تم توظيفهم بطريقة شرعية.
وأكد صيام، أن الوضع كارثي في قطاع غزة بالنسبة للموظفين الذين يعيلون نحو 400 ألف مواطن.
وقال إن الآلاف يتعرضون للتجويع أمام مرأى ومسمع الجميع، يجب أن يقف كل شخص أمام مسؤولياته.
وأوضح صيام أن اتحاد نقابات الموظفين قرر القيام بسلسلة فعاليات احتجاجية وتصعيدية، ستبدأ بتعليق دوام المدارس والمستشفيات حتى نهاية دوام الخميس، على أن تبدأ حملة تصعيد واسعة، ستطال كل المؤسسات الحكومية، مشدداً على أن الفعاليات لن تتوقف حتى إنهاء أزمة الموظفين.

المساهمون