97 % ممّن يدّعي "داعش" تمثيلهم بالعراق... يتمنّون زواله

02 مايو 2015
90% من الخسائر بسبب داعش بمناطق السنة(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
كارثة جديدة ضربت العراق. أربعة ملايين نازح وعشرات الآلاف بين قتيل وجريح، وخسائر مالية تجاوزت عتبة الأربعين مليار دولار أميركي، منذ اجتياح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مناطق شمال وغرب العراق في منتصف العام الماضي، والسيطرة عليها بشكل كامل، بعد انهيار قوات الأمن العراقية أمام الكتل البشرية المتفجرة، التي فتح بها التنظيم حدود المدن والمحافظات العراقية. ما يعيشه قسم من أهل العراق واحدة من أسوأ المآسي بعد احتلال العراق في عام 2003.

اقرأ أيضاً (المدنيون في العراق: ضحايا مجهولون في زمن الموت الجماعي)

وعلى الرغم من رفع التنظيم شعار "الدفاع عن سُنّة العراق" من الجرائم التي تنفّذها المليشيات الممولة إيرانياً، والتي تتسابق مع "داعش" في ارتكاب الجرائم الطائفية، غير أنّ العكس هو ما يفعله التنظيم  في المدن التي ينتمي إليها السُنّة، وما تثبته أفعال التنظيم في 18 مدينة عراقية يسيطر عليها اليوم، أبرزها الموصل والفلوجة والأنبار والقيارة والشرقاط والبعاج والحويجة والقائم والرطبة وهيت شمال وغرب البلاد.

وفي هذا السياق، كشف مرصد عراقي معني بشؤون الجماعات المسلّحة عن "اتساع اللهجة العدائية، وارتفاع نقمة العراقيين السنّة على (داعش) بالأشهر الثلاثة الأخيرة"، بسبب ما وصفه المرصد "فظائع وجرائم مقززة نفذها التنظيم بحقهم".

ويقول رئيس المرصد العراقي للدراسات الأمنية والاجتماعية، محمد عبد السلام الكرخي، لـ"العربي الجديد"، إن "مسحاً أجراه فريق المرصد أظهر اتساع الفجوة والنقمة بين العراقيين السنة على (داعش) إلى أعلى مستويات لها خلال الأشهر الماضية، وبات بالنسبة لهم التنظيم والمليشيات الشيعية في خانة واحدة، ويعتبرونهما أداة واحدة لتدمير البلاد".

وأوضح الكرخي أن "ذلك ناجم عن مغادرة العراقيين مرحلة السذاجة، وفهم ما يجري حولهم، فمن يرفع شعار الدفاع عنهم كان أول من ذبحهم". وبيّن أنّ المسح شمل 1200 مواطن سنّي من مختلف المدن القابعة تحت سيطرة "داعش"، اشترطوا عدم ذكر أسمائهم. وبحسب المسح، فإن 97 في المائة من هؤلاء المواطنين يتمنون زوال حكم "داعش" وانتهاء صفحتها أخيراً، فيما ذهب 3 في المائة منهم فقط إلى تأييدها لأسباب مختلفة غالبيتها فكرية متطرفة.

ويقول نائب رئيس الوزراء العراقي، بهاء الأعرجي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يمكن اعتبار (داعش) حركة سنية، وهو لا يمثل السنة إطلاقاً، بل بات سنة العراق أكثر المتضررين منه وهم أغلب ضحاياه".

ويضيف الأعرجي "لسنا في معرض الدفاع عن جزء من الشعب العراقي، لكننا نسعى لإثبات زيف وكذب شعارات هذا التنظيم، الذي اتخذ من أخطاء الحكومات السابقة غطاء له في ادعاء نصرة هذا أو ذاك".

وفي الإطار نفسه، يشير المستشار الفني بوزارة التخطيط العراقية، هيثم عمران، إلى أن "غالبية ضحايا تنظيم (داعش) هم من السنة".

ويقول لـ"العربي الجديد" إن "90 في المائة من الخسائر البشرية والمادية التي ترتبت على اقتحام (داعش) للمدن العراقية، كانت في مناطق السنة، لذا من الإجحاف التحدث بروح الطائفية في الشارع العراقي فهذا التنظيم لا يمثل إلا نفسه". ويتابع "مثلما لا يمكن أن ننسب جرائم المليشيات للطائفة الشيعية بشكل عام، فلا يمكننا أن ننسب جرائم (داعش) للسنّة. وهذا الأمر بات أكثر وضوحاً لدى العراقيين، لكنّ هناك قصوراً في الإعلام المحلي لتوضيحه إلى العالم".

من جهته، يقول عضو مجلس محافظة الأنبار، الشيخ عبد الفتاح الدليمي، لـ"العربي الجديد"، إنه "لولا داعش لحصل السنة على حقوقهم من حكومة (نوري) المالكي الطائفية، ولكان الوضع مستقراً بالعراق وبشكل شبه تام".

ويضيف الدليمي: "نحن نعتبر داعش شركة للقتل يتم استئجارها من أية جهة كانت لتنفيذ أجندات لهم. لقد حققنا تعاطف وتأييد قوى دولية كبرى لحراكنا المسلح ضدّ المالكي. وطالب العالم حكومة المالكي بالحوار معنا على اعتبارنا قوة كفاحية لديها حقوق، لكن دخول (داعش) على الخط أفسد كل شيء وبتنا نريد الاحتفاظ بما كان لدينا من حقوق، لكننا خسرنا كل شيء بسبب هذا التنظيم."

ويضيف:"أكثر من 40 ألف قتيل وضعف هذا العدد جرحى من المدن السنية، وخسائر مادية مخيفة وانهيار بالبنى التحتية ونحو 4 ملايين مُهَجَّر. هذا أثر (داعش) علينا، في حين نرى أن المدن الجنوبية مستقرة آمنة تنعم بكل شيء".

ويتابع الدليمي، الذي يتواجد في بغداد حاليا،ً أنّ "من مصلحة إيران بقاء (داعش) في العراق وسورية. وهذا ما لا يختلف عليه اثنان من العقلاء، لكن مع الأسف جرائم المليشيات الممولة إيرانياً دفعت ببعض العراقيين إلى رفع شعار (ألف داعشي ولا مليشياوي واحد)، رغم أن الجماعتين متطرفتان وإرهابيتان لكن العامل الطائفي الذي تعزف عليه (داعش) يلعب دوراً كبيراً".

ويتفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد، مازن العبيدي، مع المصادر أعلاه، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "معرفة الهوية الحقيقية لتنظيم (داعش) ستستهم في تخفيف الاحتقان الطائفي في الشارع العراقي".

ويضيف العبيدي أنّ "أكثر المتضررين من (داعش) هم البيئة التي وُلد فيها الأخير في العراق وسورية"، مشيراً إلى أن "مخترع هذا التنظيم الإرهابي والمليشيات المتطرفة المقابلة له هو حكومة المالكي بسنواتها الثماني من التعذيب والإجرام والاضطهاد على أسس طائفية، ونظام بشار الأسد صاحب السنوات الخمس عشرة الثقيلة على الشعب. ولهما ينسب اختراع المليشيات الدموية".

المساهمون