9 أشهر على حملة سيناء: معضلة رفح والشيخ زويد

29 نوفمبر 2018
دخلت العملية الشاملة شهرها التاسع (خالد الدسوقي/فرانس برس)
+ الخط -


على الرغم من مرور أكثر من تسعة أشهر على بدء العملية العسكرية الشاملة للقوات المسلحة المصرية في محافظة شمال سيناء منذ مطلع فبراير/ شباط الماضي، إلا أن تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" ما زال محافظاً على قوته في مدينتي رفح والشيخ زويد وأطراف من مدينة العريش، في إشارة إلى أن هذه المناطق باتت معضلة أمام نجاح العملية الشاملة في تحقيق أهدافها التي تصبو للوصول إليها منذ بداياتها.
وبات التنظيم يهاجم بشكل شبه يومي مواقع الجيش المصري وأهدافه في مناطق جنوب مدينة رفح وغربها، ومناطق جنوب مدينتي الشيخ زويد والعريش، ما يفضي إلى وقوع خسائر بشرية ومادية في صفوف قوات الجيش، خصوصاً أنه بعد مرور خمس سنوات على تحرك التنظيم في سيناء، أنشأ تحصينات يستخدمها خلال العملية العسكرية الشاملة، للتخفيف من أضرار الضربات الجوية والمدفعية للجيش.

وبالإضافة إلى الهجمات المسلحة على قوات الجيش، فإن عملية إعدام التنظيم لأحد أفراده بعد انكشاف عمله لصالح المخابرات المصرية قبل أيام، أوضحت أن النشاط الأمني ما زال حاضراً في سيناء، إذ إن الظروف المصاحبة لإعدام عياد البريكات من خلال إلباسه للثوب البرتقالي الذي يشير إلى عقوبة الإعدام، ووضعه في مكان مفتوح وقتله بصورة علنية، ونشر توثيق هذه العملية بعد ساعات من وقوعها، أشارت إلى بقاء النشاط الأمني وكذلك الإعلامي للتنظيم رغم العملية العسكرية الشاملة.

ووفقاً لمصادر طبية في مستشفى العريش العسكري، فإنه "تم تسجيل خلال الشهر الحالي مقتل أكثر من 30 عسكرياً، بينهم ضباط، بالإضافة إلى إصابة العشرات في سلسلة هجمات لتنظيم ولاية سيناء على أهداف للجيش، تركزت في مناطق جنوب الشيخ زويد وغرب مدينة رفح، بالإضافة إلى نقاط أمنية جنوب مدينة العريش. وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالأشهر الأولى للعملية العسكرية الشاملة".

وأوضحت المصادر الطبية لـ"العربي الجديد"، أن "حالة التكتم الإعلامي ما زالت مستمرة على أعداد القتلى والمصابين في الهجمات التي يتعرض لها الجيش خلال العملية العسكرية الشاملة، فيما يتم نقل جثث القتلى إلى محافظات مصر بشكل سري، من دون الإعلان عن تفاصيل مواكب نقل الجثث، وذلك ضمن التوجيهات التي تم نشرها قبيل بدء العملية العسكرية الشاملة من قبل قيادة عمليات الجيش بسيناء". وأكدت المصادر أن "لدى إدارة المستشفى سجلات بأسماء والرتب العسكرية لكافة القتلى الذين كانوا ضحايا هجمات التنظيم على مدار الأشهر التسعة الماضية، وتقوم بترحيلها شهرياً إلى الإدارة المركزية للمستشفيات العسكرية في القاهرة".



بدوره، أكد أحد شيوخ اتحاد قبائل سيناء لـ"العربي الجديد"، استمرار هجمات التنظيم ضد قوات الجيش، وأن "غالبية هذه الهجمات تبقى طي الكتمان في ظل عدم وجود تغطية إعلامية لما يجري في سيناء"، مشيراً إلى أن "المتبقين من أبناء سيناء في مدينتي رفح والشيخ زويد يؤكدون متابعتهم لهجمات يومية ومؤلمة بحق قوات الجيش، على يد التنظيم".

أما بالنسبة للهدوء في مدينة العريش بصفتها عاصمة لمحافظة شمال سيناء، فإن ذلك يعود إلى القبضة الأمنية الحديدية في مركز وغرب المدينة خلال الأشهر الماضية، رغم محاولة التنظيم اختراق هذه القبضة في أكثر من مرة، بهجمات عدة داخل أحياء المدينة، إلا أن الحملات الأمنية المشتركة بين قوات الجيش والشرطة بصورة يومية في الأحياء الداخلية للعريش أدت إلى حالة من الهدوء النسبي. في المقابل، ما زالت مناطق جنوب مدينة العريش مسرحاً لاعتداءات التنظيم، في ظل قدرته على الهجوم والانسحاب إلى خارج المدينة من دون أن تكون للجيش قدرة على ملاحقته كما الحال في وسط المدينة.

وفي مقابل ذلك، لا يكف الجيش المصري عن عمليات هدم المنازل في مدينة رفح، خصوصاً في الأحياء والقرى الواقعة خارج المنطقة العازلة المحددة بـ5 كيلومترات، على الحدود مع قطاع غزة. في هذا الإطار، سُجّل في الأسابيع الأخيرة هدم أكثر من 50 منزلاً، وتجريف مئات الدونمات الزراعية، من دون أي حديث عن تعويضات لأصحابها، وفق ما أكد أحد سكان مدينة رفح لـ"العربي الجديد". كما سُجّل غياب واضح لمجلس المدينة عن متابعة عمليات الهدم، وكذلك محافظة شمال سيناء التي اكتفت بحدود نشاطها إلى مدينة الشيخ زويد، وكأن مدينة رفح خارج الحدود الجغرافية للمحافظة، رغم بقاء مئات المواطنين في أطرافها، في ظل عدم وجود سكن بديل لديهم في أي منطقة أخرى، أو حتى تعويضات تمكنهم من الانتقال إلى خارج المدينة في الوقت الحالي.

ويشار إلى أن الجيش المصري دفع بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى مدينتي رفح والشيخ زويد على مدار الأشهر الأولى للعملية العسكرية الشاملة، إذ امتلأت المعسكرات والكمائن المركزية للجيش بعشرات الآليات المتنوعة، بالإضافة إلى وجود كافة وحدات الجيش المصري الجوية والبحرية والبرية في سيناء، بهدف السيطرة الأمنية على المحافظة، إلا أن ذلك لم يفد بشيء في مواجهة التنظيم الذي ما زال موجوداً، في ظلّ الحملات الدعائية العسكرية عن انتصارات يتمّ الترويج لها.



المساهمون