يعتقد البعض أن الإبداع أمر فطري يولد به المرء. فهناك المحظوظون الذين أوتوا ملكة الإبداع وهناك أصحاب الحظ السيىء غير المبدعين والذين لا يملكون فعلا شيئاً إزاء هذا الأمر. إلا أن الحقيقة أن الإبداع كغيره من المهارات أمر مكتسب ويمكن تعليمه وتطويره وإتقانه عبر الفهم والممارسة. ولكن ما الذي يمكننا أن نفعله كي نشجع أبناءنا من الطلاب والطالبات على الإبداع؟
ما هو الإبداع؟
لمعرفة كيف يمكن تشجيع الطلاب على الإبداع، يجب علينا أولا الإجابة على سؤال آخر: ما هو الإبداع؟
وفقا لإدوارد دي بونو، أحد أوائل من درسوا الإبداع والتفكير الإبداعي: "الإبداع يتضمن الخروج عن المألوف والأنماط المحددة للنظر إلى الأمور بطريقة مختلفة". وبالطبع، فإن ذلك يتفق مع التعريف الذي ذكرناه آنفا، إذ إن الغرض من العملية الإبداعية عبر النظر إلى الأمور بطريقة مغايرة عن المألوف هو توليد أفكار جديدة أصيلة وذات قيمة.
الإبداع هو الابتكار؛ حيث إن تكرار نفس الشيء وتوقع الوصول إلى نتائج مختلفة جديدة أمر يتسم بعدم الذكاء. فإذا كانت فكرة ما لا تعمل أو طريقة ما لا تسير بشكل جيد، فيجب ابتكار شيء مختلف. الإبداع هو التفكير خارج الصندوق؛ فبدلا من التفكير في وسائل تقليدية، يجب الإتيان بأفكار غير مألوفة خارج إطار المعتاد.
الإبداع هو الارتجال؛ فدائما ما تخرج الأمور عن السيطرة وتسير بشكل مغاير للخطط الموضوعة بعناية. من هنا، تأتي الحاجة إلى الارتجال والتصرف بسرعة وبشكل مختلف وفقا للمتغيرات الجديدة والظروف المفاجئة.
الإبداع أخذ المخاطرة والخروج عن المألوف؛ فالإبداع مرتبط بما يمكن أن يصفه البعض جنونا في كثير من الأحيان. فالأفكار الجريئة والتي قد تبدو مجنونة عادة ما قد تعمل بشكل أفضل من الأفكار التقليدية، كما أنها أحيانا قد لا تعمل ولا ضير في ذلك فتجربة فكرة جديدة أفضل من التقيد بفكرة ثبت فشلها.
الإبداع هو النضوج؛ به الإبداع نتقبل فكرة أننا لا نمتلك كل الحلول والإجابات لكل المشاكل والأسئلة. إلا أننا ندرك أن بذل مزيد من الجهد بشتى الوسائل سيساعدنا دوما على الوصول لحلول جديدة وإيجاد إجابات ملائمة. والإبداع هو الشغف؛ فحينما يتملكنا الشغف تجاه شيء ما فإنه يجعلنا نعمل عليه بشكل أفضل ونسعى لإجادته وتحسينه بشتى الوسائل عبر تطبيق أفكار جديدة، وهذا هو الإبداع بعينه.
نصائح لتشجيع الطلاب على الإبداع
لتشجيع أبنائنا من الطلبة على اعتناق الإبداع وممارسته، تخيرنا لكم تلك النصائح الست المجربة والقابلة للتطبيق:
1- لا تتوقف عند أول فكرة جيدة
عند التفكير في حل مشكلة أو إيجاد جواب لسؤال يتوقف الكثير منا عند الوصول لأول فكرة جيدة. لكن ينبغي عدم التوقف عند تلك الفكرة واستمرار التفكير حتى الوصول لثلاث أفكار جيدة وقابلة للتطبيق على الأقل. فالأشخاص المبدعون قادرون دوما على الإتيان بالكثير من الأفكار والحلول.
2- قم بإعادة صياغة الأفكار دوما
الأفكار العظيمة لا تأتي دائما من المحاولة الأولى، حيث إن أية فكرة أولية ينبغي العمل على تطويرها وصقلها عبر إعادة صياغتها وتحسينها للوصول إلى أفضل صورة. الأمر شبيه بعملية الكتابة، فالكاتب المبدع لا ينشر مسودته الأولى، بل يعمل على تطويرها وتحسينها عبر مسودة ثانية وثالثة حتى تصل لأفضل صورة يمكن نشرها.
3- شارك في حوارات بناءة
الإبداع ليس عملية فردية يقوم بها المرء دون مشاركة الآخرين. فمن خلال المشاركة مع أشخاص آخرين عبر حوار بناء يمكن دوما الوصول إلى أفكار عظيمة. فالحوار يعطي الفرصة لمراجعة الأفكار وتعديلها وتحسينها من خلال وجهات النظر والنقد الذي يقدمه الآخرون.
4- الأخطاء
الوصول إلى فكرة مبدعة يتطلب أولا المرور بعدة أفكار خاطئة. لا تخش من ارتكاب الأخطاء، فالتجربة والخطأ هما السبيل الوحيد للتعلم والطريقة المثلى لتطوير الفكرة. لا تخف من الخطأ فكل خطأ هو فرصة ذهبية للتعلم ينبغي استثمارها.
5- احتفظ بأفكارك مكتوبة
من العادات الفعالة للأشخاص المبدعين تدوين أفكارهم بشكل مستمر سواء في دفتر للملاحظات أو على الحاسب الآلي، أو عبر تطبيق للجوال. فتلك الأفكار مهما كانت بسيطة توفر دوما مادة خصبة للإلهام والإبداع. كما أن ربط ودمج بعض الأفكار القديمة قد تنتج عنه أفكار جديدة عظيمة ومبدعة.
6- ابحث لتتعلم أفكاراً جديدة
نحن لا نعرف كل شيء ولا نمتلك أجوبة على كل الأسئلة، لذا فإن البحث عن المعلومات والأفكار مهارة أساسية ينبغي على كل مبدع إتقانها. فالبحث والتنقيب عبر الإنترنت والكتب ومصادر المعلومات الأخرى يساعد دوما على التعلم وإيجاد أفكار جديدة.