بتنسيق بين شبكة "جمعية العمال المغاربيين في فرنسا"، العاملة على مستوى التراب الفرنسي، و"الجبهة المتحدة للهجرة والأحياء الشعبية"، وبدعم من جمعية "الخروج من الكولونيالية" و"مؤسسة فرانز فانون"، ينظم مهرجان كبير مفتوح حول الهجرة، يومي السبت والأحد 6 و7 يناير/كانون الثاني 2018، بضاحية باريس.
ويأتي هذا اللقاء للتذكير، كما يذكر لـ"جاليات"،عبد السلام البقوحي، أحد الباحثين في قضايا الهجرة المغاربية، بدور الجاليات التي "ساهمت أجيال من الهجرة في تشييد تاريخ رائع من نضالات من أجل المساواة في الحقوق. ثم جاء أبناؤهم فواصلوا النضال تحت أشكال جديدة لمواجهة مستويات جديدة من القمع ومن عدم المساواة".
وفي ما يخص مؤتمر "القارات الثلاث"، الذي انطلق لأول مرة في يناير/كانون الثاني 1966، فهو يرمز، كما يشدد عبد السلام البقوحي، إلى "حجم ورهانات الكفاح من أجل الخروج من حالة (معذبي الأرض)، وهو تعبير للمفكر فرانز فانون وعنوان لكتابه الشهير".
ثم يخلص البقوحي إلى أن "نضالات الهجرة وأبنائها وكذلك نضالات شعوب البلدان المستعمرة السابقة تنتمي لنفس النهر، الذي يناضل من أجل الكرامة والمساواة، وأن ذاكرة هذه النضالات لا يمكن الاستغناء عنها من أجل خلق الشروط التي تستوجبها نضالات اليوم والغد".
كما أن هذا المهرجان يرجى منه، كما قال لـ"جاليات" أحد المنظمين، ناصر الإدريسي، أن "يكون لحظة شعبية قوية لإعادة امتلاك ذاكرة نضالاتنا في خدمة نضالات اليوم".
الطاولة المستديرة الأولى التي تحمل عنوان "ذاكرة ونضالات رجال ونساء الهجرة"، رأى فيها الفاعل الجمعوي محمد زرولت أنها تخص مختلف نضالات رجال ونساء الهجرة الأوائل، انطلاقا من العمال المهاجرين في قطاع السيارات مرورا بعمال المناجم شمال وشرق فرنسا، من كفاح سوناكوطرا إلى نضالات العمال الذين كانوا لا يمتلكون أوراق إقامة، ومن الكفاح ضد الجرائم العنصرية والعنف البوليسي، مرورا بالنضال من أجل بطاقة عشر سنوات. ويَعِدنا محمد زرولت أن "اللقاء سيكون مؤثرا، لأنه سيتحدث فيه مُجترِحو هذه النضالات، رجال الظل، الذين صنعوا تاريخنا، أي هؤلاء الذين يطلق عليهم في فرنسا: شيباني (الذين اشتعلت رؤوسهم شيباً)".
كما أن طاولة مستديرة أخرى ستتطرق إلى "كفاح ورثة الهجرة والقارات الثلاث". وستتناول الوضعية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يعيشها هؤلاء المنحدرون من مختلف الهجرات الما بعد- كولونيالية، والمرتبطة بمصائر شعوب البلدان والدول التي قدم منها الأجداد والآباء.
ويرى محمد زرولت أن "تطور الإسلاموفوبيا على المستوى الدولي من أجل تبرير حروب من أجل الثروات ليس غائباً عن التأثير على الإسلاموفوبيا اليومية، التي تنتشر في فرنسا". كما يرى أن الجرائم العنصرية تشكل جسرا آخر بين حقبة نضالات التحرر الوطني وبين المآسي والحداد، اليوم، في الأحياء الشعبية. ويرى ناصر الإدريسي، من مسؤولي جمعية العمال المغاربيين في فرنسا، أن هذه الطاولة المستديرة "ستستعرض ترسانة التمييز والقمع في فرنسا، انطلاقا من الخطاب حول حالة الطوارئ ثم المراقبة البوليسية المرتكزة على سحنة الوجه، إلى غيرها من الإجراءات والسياسات، وهذه الترسانة ما هي إلاّ صدى للتجربة الأليمة للأجيال اللاحقة من المناضلين".
ويرى محمد الحنفي، من النشطين في مختلف الجمعيات المهتمة بالهجرة والجاليات العربية، أن مهرجان موسم الهجرة والقارات الثلاث يطمح، من خلال تنظيمه ورشات، إلى "وضع الذاكرة في خدمة النضالات الحالية من أجل العدالة والمساواة في الحقوق والحق في المساواة".
وتطمح ثلاث ورشات، وهي "تاريخ مناهضة الإمبريالية وتاريخ القارات الثلاث والعولمة البديلة"، و"العولمة البديلة، اليوم" و"الهجرة الحالية والمستقبلية، أي تأثير على العولمة البديلة"، إلى استعادة البدايات، تأسيس مؤتمر القارات الثلاث في كوبا، سنة 1966، مرورا بالتطورات الحالية للعولمة البديلة، مع كل المنتديات التي جرت، ابتداء من منتدى بورتو أليغري سنة 2001، وهو ما يؤكد على ديمومة الصراع ضد العولمة والإمبريالية والاستعمار الجديد والليبرالية الجديدة، وهو ما يعني أن عوالم أخرى ممكنة.