يرى خبراء أن مستقبل نمو الاقتصادات العالمية يواجه حالياً أربع عقبات أخرى، إضافة إلى انتشار فيروس كورونا.
وهذه العقبات، كما يلخصها الاقتصادي العالمي محمد العريان، في مقال بموقع "بروجكت سيندكت"، هي التغير المناخي الذي يؤثر بشكل مباشر على أسواق الطاقة، خاصة النفط الذي تشير التوقعات إلى تراجع الطلب العالمي عليه خلال الأعوام المقبلة لصالح الزيادة في استهلاك الطاقة النظيفة مثل الغاز والطاقة الشمسية والبدائل الأخرى.
أما العقبة الثانية، فهي التحول من العولمة والتعاون وانفتاح الأسواق العالمية على بعضها إلى التنافس والمواجهة. وهو الذي حدث نتيجة لسياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي بنيت على مبدأ "أميركا أولاً" واستعادة "العظمة الأميركية" وبناء حواجز تجارية جديدة.
وتتمثل العقبة الثالثة، في الجيل الجديد من التقنيات الحديثة التي تثير حروباً تقنية، مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس من الهواتف. وتعد الحرب التقنية حالياً من أعقد المشاكل التي تواجه الحوار البناء بين الصين والولايات المتحدة، حيث تمتد إلى التجسس ومستقبل الجيوش وسرقة الملكية الفكرية للشركات.
والعقبة الأخيرة، هي زيادة نسبة كبار السن وأصحاب المعاشات في اقتصاديات أوروبا واليابان.
وهي من العوامل التي أرهقت ميزانيات هذه الدول ورفعت من معدل الضرائب وقللت من كفاءة الخدمات الصحية والتعليمية، كما زادت من العجز في الميزانيات وفاقمت من حجم الدين العالمي.
ويرى الاقتصادي العالمي محمد العريان، في مقاله بموقع "بروجكت سيندكت"، أن تجاوز هذه العقبات يحتاج إلى منظوراستراتيجي جديد من قبل قادة الشركات والسياسة في العالم.
وحتى الآن يتم التركيز على وباء كورونا الذي يؤثر بشكل مباشر وحاد على أسواق السلع الأولية ويربك المستثمرين في أسواق النفط والسلع الأولية والمعادن.
في هذا الشأن، قال مصرف "غولدمان ساكس" إن أسعار السلع الأولية قد تنخفض بشدة قبل أن يساعد تحفيز صيني يستهدف مكافحة تأثير فيروس كورونا في وقت لاحق من العام.
وحسب وكالة رويترز، قال محللون لدى البنك في مذكرة، يوم الجمعة الماضي: "التعهد بالتحفيز جعل أسواق السلع الأولية تتحرك مثل أسواق الأسهم، وهو ما يعزز مخاطر تصحيح حاد".
وعلى مدى 12 شهراً، يتوقع البنك عائداً بنسبة 14.3 بالمئة من الطاقة، و4.3 بالمئة من المعادن الصناعية وعائداً سلبياً بنسبة 0.8 بالمئة من المعادن النفيسة.
وتتعرض أسواق السلع الأولية لضغوط، إذ يؤدي نمو المخاوف من أن يتحول فيروس كورونا الشبيه بالأنفلونزا إلى وباء، إلى تصاعد القلق من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
وحسب رويترز، قال "غولدمان ساكس" إنه بخلاف ضعف الطلب الناجم عن استمرار الاضطرابات في الصين وتراكم المخزونات، فإن تباطؤ الانتعاش الاقتصادي ربما يُضاف إلى خطر أن تتجاوز مخزونات النفط الطاقة الاستيعابية للتخزين، وبالتالي تؤدي إلى انخفاض كبير في أسعار الخام.
لكن أسعار الذهب ربحت نحو خمسة بالمئة منذ بداية الشهر الجاري، لتبلغ أعلى مستوياتها في ما يزيد عن سبع سنوات اليوم. وتقترب بعض اقتصادات العالم الكبرى، ومن بينها اقتصادات اليابان وألمانيا، من حافة الركود، وهو ما يثير مخاوف بشأن قدرة الاقتصاد العالمي على تحمل صدمة إضافية من فيروس "كورونا".
كما تقول تقارير إن 85% من الشركات الصينية ربما تواجه مشكلة سيولة حادة خلال ثلاثة أشهر إذا لم تتمكن الصين من السيطرة على الفيروس التاجي.
وأظهرت البيانات التي نشرتها " فاينانشيال تايمز"، انكماش اقتصاد اليابان، وهو ثالث أكبر اقتصاد في العالم، بنسبة 1.6% في الربع الرابع من العام الحالي، مع تأثير رفع ضريبة المبيعات، إلى جانب أكبر اقتصادات أوروبا، إذ تراجع مؤشر "زد إي دبليو" للثقة الاقتصادية بشكل حاد خلال فبراير/شباط، وهو ما يعكس المخاوف من أن الفيروس قد يصيب التجارة العالمية.
وفي الاتجاه ذاته، أشار الاقتصادي لدى "ميريل لينش ـ بنك أوف أميركا" إيثان هاريس، في مذكرة للعملاء الأسبوع الماضي، إلى عدد من الاقتصادات الأصغر التي تضررت أيضاً، إذ تواجه هونغ كونغ حالة ركود، وقد تعاني أيضاً سنغافورة من مصير مماثل.
كما أوضح هاريس أن بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع في إندونيسيا وصلت إلى أدنى مستوياتها في ثلاث سنوات، في حين سجلت ماليزيا أسوأ قراءة للنمو في عقد زمني، وفي الوقت نفسه، شهددت اقتصادات تعد محركة للنمو، مثل الصين والهند، تباطؤًا في النمو خلال العام الماضي.