4 تحديات قد تدخل الأسواق بأزمة مالية في 2016

26 ديسمبر 2015
السلع الأولية ربما تدخل نفق انهيار جديد (Getty)
+ الخط -


فيما واصل الإرهاب زعزعة الاستقرار العالمي وخيم الاضطراب على أسواق المال والسلع طوال العام 2015، يدخل الاقتصاد العالمي العام المقبل 2016، وهو يواجه مجموعة من التحديات التي قد تقوده إلى أزمة مال جديدة في أي منعطف، ما لم تتمكن الاقتصادات الكبرى وعلى رأسها الاقتصاد الأميركي والصيني والأوروبي والياباني من معالجة أزماتها المالية.

ويرصد خبراء أكثر من أربعة تحديات تواجه الاقتصاد العالمي خلال العام الجديد. من بين هذه التحديات انهيار أسعار السلع الأولية وتفاقم الديون السيادية في أنحاء العالم وسط احتمالات ارتفاع معدل الفائدة إلى قرابة واحد في المائة خلال العام المقبل والتباطؤ الذي يخيم على منطقة اليورو.

ومنذ أزمة المال في العام 2008، لم يتمكن الاقتصاد العالمي من التعافي تماماً، رغم ترليونات الدولارات التي ضخت فيه خلال السنوات الماضية.

ويرى العديد من خبراء الاقتصاد وعلى رأسهم الاقتصادي جوزيف ستيغلتز الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد، أن المعالجات التي تمت لإنقاذ العالم من الإفلاس لم تكن سليمة وأن سياسة التحفيز الكمي التي اتبعتها أميركا واليابان والعديد من دول العالم في أعقاب الأزمة المالية، لم تتناول الجذور وأسس الأزمة المالية وإنما لجأت للحل الأسهل وهو ضخ "أوراق بنكنوت" في الأسواق دون الاعتناء بالإنتاج والوظائف.

ويلاحظ أن العام 2015 عام صعب بالنسبة للعديد من الاقتصادات العالمية حيث عانت البورصة الصينية من اهتزاز عنيف، كاد أن يعصف بالاقتصاد الصيني ، لولا احتياطي الضخم الذي يملكه بنك الشعب الصيني "البنك المركزي الصيني".

وعلى صعيد الدول العربية التي تعاني الاضطراب السياسي في مناطق واسعة منها تظل دول الخليج والسعودية والمغرب والجزائر والأردن وإلى حد ما لبنان والسودان هي الدول الوحيدة المستقرة. ولكن يلاحظ أن حتى هذه الدول المستقرة تعاني من تحديات مالية كبرى.

ورغم تعدد المصاعب المتوقع أن يواجهها العالم في العام الجديد، إلا أن العديد من خبراء المال يلخصونها في ثلاثة تحديات وهي السلع الأولية وأزمة الديون السيادية وتباطؤ اقتصاد اليورو واحتمالات تدهور النمو الاقتصادي الصيني.

الصين واحتمال انهيار السلع الأولية

ربما تواجه أسعار النفط والسلع الأولية الأخرى مزيداً من التحديات خلال العام الجديد 2015، وتترك آثاراً سلبية على أسواق المال العالمية التي تعتمد في قياس مؤشراتها بنسبة كبيرة على شركات الطاقة وبقية السلع الأولية.

وكان بنك التسويات الدولية قبل حذر قبل شهور من أزمة ديون عالمية، وقال مستثمرون إن معدل النمو الصيني ربما يكون أسوأ كثيراً من التوقعات التي وضعت له من قبل الحكومة الصينية.

وكانت الحكومة الصينية قد توقعت أن ينمو الاقتصاد الصيني بحوالى 7.1% خلال العام الجاري. ويعتمد الطلب على السلع العالمية، ومن بينها النفط، بدرجة كبيرة على معدلات نمو الاقتصاد الصيني.

وهذا يعني أن أسعار السلع ربما تتلقى ضربة جديدة في العام المقبل من احتمالات تباطؤ أكبر كثيراً من توقعات النمو للاقتصاد الصيني واقتصاد منطقة اليورو، وهي الاقتصادات التي تعد المستورد الرئيسي للسلع الأولية.

ويرى خبراء أن بكين ربما تتجه خلال العام المقبل نحو اتخاذ خطوات جديدة لتحرير اليوان، وهو ما يعني المزيد من الاضطراب في البورصة الصينية والمزيد من تدهور معدل نمو الاقتصاد الصيني.

اقرأ أيضاً: 2015 من أسوأ أعوام المستثمرين في أسواق العالم

وسط هذه الاحتمالات لا يستبعد اقتصاديون أن ينخفض معدل النمو الصيني إلى نسبة تحوم حول 5.0%. وكان المسح الذي أجراه مصرف "بنك أميركا ـ ميريل لينش" قبل شهرين بين مجموعة من المستثمرين قد بين أن معظم المستثمرين يتوقعون أن يتراوح معدل نمو الاقتصاد الصيني بين 4.1% و5.0% خلال الثلاث السنوات المقبلة.

وفي ذات الاتجاه قال بوب براون، كبير الاقتصاديين في صندوق "نورثن تراست" إن الأرقام الرسمية الصينية لا يمكن الاعتماد على صحتها، وسط عجزها عن إيقاف الاضطراب في سوق المال.

وتوقع براون أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 5.0% فقط خلال الخمس سنوات المقبلة. أما المصرفي ديفيد مبير من مصرف "جوليوس بيير" السويسري فقد خفض توقعاته السابقة للنمو الصيني إلى نسبة تتراوح بين 4.7 و5.7.

وسط هذه التوقعات المتشائمة من المحتمل أن تتعمق أزمة السلع الأولية، خاصة أسعار النفط. ومعروف أن كبرى الشركات العالمية تتاجر أو تنتج النفط والحديد والمعادن.

تضخم الديون العالمية

هذا ما حذر منه بنك التسويات الدولية (بنك البنوك)، الذي مقره في مدينة لوزان السويسرية، في تقريره الصادر نهاية الأسبوع الماضي.

يشير بنك التسويات في إحصائياته، إلى أن الديون الحكومية والخاصة في الدول الصناعية ارتفعت بمعدل 36 %، إلى 167% من الناتج المحلي الإجمالي، منذ حدوث أزمة المال العالمية في عام 2008 وحتى العام الماضي 2014.

وفي الصين ارتفعت الديون بمعدل أعلى من ذلك، حيث بلغ معدلها 265%. فيما قاربت الديون اليابانية 11 ترليون دولار.

وهذا المعدل المرتفع من الديون، حسب تقديرات بنك التسويات الدولية، يسبق عادة حدوث الأزمات المالية الكبرى. فالدولار الرخيص الذي ضخته أميركا بكثافة، خلال السنوات الست الماضية، وبمعدل يفوق 1.1 ترليون دولار سنوياً، أغرى الدول الناشئة، حكوماتٍ وشركاتٍ، بالاستدانة المفرطة وتمويل احتياجاتها بإصدار السندات الدولارية.

ويلاحظ أن هذه الكمية الضخمة من الدولارات الأميركية، التي ضخت عبارة عن أوراق مطبوعة وليست حصيلة إنتاج حقيقي. لقد كانت الفائدة الأميركية قريبة من الصفر ولكنها ارتفعت بمعدل 0.25% خلال الشهر الجاري ومرشحة لمزيد من الارتفاع خلال العام المقبل.

اليورو

في أعقاب الهجوم الإرهابي على باريس، قال رئيس المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، إن اقتصادات منطقة اليوروتمر حالياً في فترة حرجة وربما تكون أسوأ مما كانت عليه في العام الذي سبق إنشاءها.

وكان المركزي الأوروبي قد اتخذ خطوات إضافية في أعقاب هجوم باريس لتحفيز اقتصادات اليورو، من بينها خفض الفائدة وزيادة مشتريات سندات الدين. وجاءت تصريحات رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي خلال لقاء مع المصرفيين بفرانكفورت بداية الشهر الماضي.

ومنذ أزمة المال العالمية، تغرق منطقة اليورو في أزمات متواصلة، ولا تكاد تخرج من أزمة حتى تدخل في أخرى. فما كادت أن تخرج من أزمة الديون التي أوشكت أن تفلس أكثر من أربع دول، حتى دخلت أزمة اليونان، ثم جاءت أزمة اللاجئين، والآن تدخل في أزمة الإرهاب وكلف مكافحته وتداعياتها على اقتصاداتها بعد الهجوم الإرهابي المتوحش.

وعلى الرغم من أنه من المبكر حساب الكلفة المالية والاقتصادية على اقتصاد فرنسا وبلجيكا وبقية دول اليورو، ولكن انخفاض مبيعات الكريسماس ورحلات الطيران إلى فرنسا بنسبة 30% وهبوط حجوزات الفنادق في العاصمة الفرنسية تمنح مؤشراً على تداعيات هذا الهجوم على النمو الاقتصاد في فرنسا التي تعد ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بعد ألمانيا.


 

اقرأ أيضاً:
هل تنجح الصين في انتشال الاقتصاد من الهاوية؟
صلّوا من أجل إنقاذ الاقتصاد

المساهمون