32 ألف مهاجر عبروا المتوسط في 5 أشهر... وجدل أوروبي حول الترحيل

07 يونيو 2018
يغامر المهاجرون بركوب قوارب الموت (Getty)
+ الخط -
شهدت الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي عبور نحو 32 ألف مهاجر البحر الأبيض المتوسط، بحسب أرقام صادرة عن منظمات الأمم المتحدة. وبالرغم من أن هذا الرقم يعتبر منخفضا، قياسا بالأعوام الماضية، إلا أن الاتحاد الأوروبي يرى "وجوب خفض الأعداد بشكل أكبر".

ووفقا لمنظمة الهجرة الدولية، فإن السنوات الثلاث الماضية شهدت انخفاضا بأعداد مهاجري ولاجئي القوارب عبر المتوسط، "وخلال 5 أشهر وصل إلى موانئ إيطاليا واليونان وقبرص وإسبانيا 32.080 مهاجرا"، وهو ما يعد رقما متواضعا لا يصل إلى نصف ما وصل في الفترة ذاتها من العام الماضي، 2017، إذ وصل الرقم إلى أكثر من 70 ألفا.

وبالرغم من مخاطر الغرق والمعاناة الكبيرة التي يجابهها المهاجرون، سواء أثناء الانتظار لعبور المتوسط، في دول جنوبه، أو بعد القدوم، إلا أن المزيد منهم يحاولون الوصول إلى البر الأوروبي، بحسب ما تتوقع منظمات الهجرة.

وشهد عام 2015 موجة كبيرة من اللاجئين والمهاجرين وصلت إلى نحو مليون مهاجر، شكلوا أزمة بين دول الاتحاد الأوروبي لجهة تقاسم أعباء توزيعهم. وبالرغم من ذلك، تتحدث بعض دول الاتحاد عن "نجاعة سياسة الحد من قدوم اللاجئين عبر المتوسط". وهي إشارة إلى جهود وكالة حماية الحدود الأوروبية "فروتيكس" التي تفيد بأن "الحدود الأوروبية شهدت انخفاضا بنسبة 44 في المائة في أعداد القادمين بدون أوراق أو تأشيرات خلال الأشهر الخمسة الماضية مقارنة بالفترة نفسها من العام المنصرم، 2017".

ويبدو أن هذا الانخفاض في الأرقام ساهمت به بشكل خاص جهود منع قوارب المهاجرين من عبور مسار وسط المتوسط باتجاه إيطاليا، إذ وصلها فقط 13 ألف مهاجر مقارنة بـ60 ألفا العام الماضي. وكان وزير الداخلية الإيطالي الجديد، وزعيم الرابطة المتطرف، ماتيو سيلفيني، قد وعد في حملته الانتخابية التي أوصلته إلى الحكم، اليوم، بطرد نحو 600 ألف لاجئ ومهاجر "غير شرعي".


ويسود جدل أوروبي مع إيطاليا على أبواب قمة أوروبية هذا الشهر، تبحث من بين قضايا أخرى قضية الهجرة واللجوء. وذهب سيلفيني في نهاية الأسبوع الماضي، إلى القول إن "صقلية لن تعود معسكر أوروبا للجوء، ولن أكتفي بمشاهدة هبوط إثر هبوط (رسو القوارب) بل سنحتاج إلى معسكرات اعتقال".

وباتت إيطاليا اليوم في قبضة حركة النجوم الخمسة وحزب الرابطة اليمينيين المتشددين (حركتان شعبويتان)، ونصب أعينهما لتطبيق الوعود الانتخابية التي اختصرها سيلفيني بالقول "انتهت الحفلة بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين، باب إيطاليا سيكون مفتوحا فقط للأناس الحقيقيين، وتذكرة باتجاه واحد لهؤلاء الذين يقومون بمشاكل ويعتقدون بأننا سنساعدهم على البقاء. أولوياتنا ستكون الترحيل، وسنخبرهم بأنه عليهم حزم أمتعتهم بهدوء مع رسالة أن يغربوا عن وجوهنا، بالنسبة لنا نرحب بلاجئي الحروب ولكن على الآخرين أن يخرجوا".

ويسود قلق كبير من أن تؤدي سياسة هجرة متشددة في إيطاليا إلى هروب المهددين بالترحيل إلى دول أوروبية أخرى، ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى مناقشة سبل حل مشكلة الاكتظاظ في كل من اليونان وإيطاليا، اللتين تشكوان مما يسميه السياسيون المحليون "تخليا أوروبيا عن الالتزام بالمساعدة".

وشهد البلدان ما يشبه "انفجارا بأعداد القادمين قبل سنوات، رغم أن العدد انخفض بالنسبة لليونان، إثر إغلاق طريق البلقان للجوء، إلا أن الجزر اليونانية تخشى من تفاقم الوضع مع هذا الصيف"، بحسب ما يشير ساسة يونانون متخوفون من "خطوة تركية تعيد وضع أوروبا في ورطة، إن هي تغاضت عن تدفق اللاجئين مرة أخرى، أو تراجعت عن الاتفاق الموقع مع الاتحاد الأوروبي منذ عامين". ويعتبر الأوروبيون أن الاتفاق مع أطراف ليبية لحراسة الشواطئ "أمر حيوي لوقف موجات الهجرة، وهو ما يجب أن يتعزز مستقبلا".

ويسعى سياسي يميني أوروبي آخر في النمسا، المستشار سبيستيان كورتز، إلى جعل رئاسة بلده بعد شهر للاتحاد الأوروبي، وفقا لما نقلت عنه "دي فيلت الألمانية"، و"إرسال وحدات من وكالة حماية الحدود الأوروبية إلى دول شمال أفريقيا لمنع هجرة غير شرعية من تلك الدول، ويجب منح الوكالة دعما سياسيا للقيام بذلك في دولة ثالثة (خارج مناطق صلاحية الوكالة)". ويعتبر كورتز أن "وقف الهجرة غير الشرعية يجب أن يتم خارج حدود أوروبا، بمساعدة هؤلاء بالماء والطعام وإرسالهم إلى بلادهم مرة ثانية، أو دول العبور".

ووضعت المفوضية الأوروبية في مايو/أيار الماضي، خطة طموحة في سياق حماية الحدود الخارجية، بتأسيس وكالة حماية تتكون من 10 آلاف شخص حارس قبل العام 2027، ويعتبر المستشار النمساوي، كورتز، مدعوما اليوم بمواقف اليمين المتشدد الحاكم في إيطاليا، وحكومات يمين وسط في الدنمارك وهولندا، أن "أوروبا لا تستطيع الانتظار حتى ذلك الوقت لتشكيل وحدة الحراسة، بل يجب على الاتحاد الأوروبي اتخاذ خطوات سريعة وفورية وفعالة لوقف الهجرة غير الشرعية تماما"، بحسب ما يضيف لـ"دي فيلت".

ومن بين المقترحات التي تسعى حكومات يمين الوسط، بينها كوبنهاغن، يجري التطرق إلى "مناقشة مقترحات إقامة معسكرات استقبال في دول الترانزيت، وهو أمر يجب مناقشته مع الزملاء الأوروبيين قريبا"، وفقا لما ذهب إليه رئيس وزراء الدنمارك لارس لوكا راسموسن، في خطاب له بذكرى "يوم الدستور"، الثلاثاء.



ويقترح راسموسن "إلى جانب بناء معسكرات ترحيل في دول أوروبا للمهاجرين غير الشرعيين، تزامنا مع بناء معسكرات الاستقبال في دول أفريقية مثلا، على الاتحاد الأوروبي مناقشة سياسة إقامة ولجوء مختلفة، كالتي ننتهجها (في الدنمارك)، وتقضي بأن الإقامة تنتهي بمجرد انتهاء مسبباتها ويجب ترحيل من يحصل على رفض لجوء".​