300 توصية أممية حول حقوق الإنسان المصري.. بلا إجابة

07 نوفمبر 2014
جانب من مناقشة التقرير المصري (العربي الجديد)
+ الخط -

أعلنت مصر اليوم الجمعة، أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل لملفها في حقوق الإنسان، تأجيل البتّ في 300 توصية تلقتها من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، في إطار الاستعراض الدوري الشامل لملفها في حقوق الإنسان.
وردّ الوفد المصري بأنه سيقوم بدراسة التوصيات بتأنٍّ، ويقدم ردّه موضحا التوصيات المقبولة والمرفوضة في حد أقصاه شهر مارس/آذار 2015 للعرض أمام الدورة الـ28 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

ويعد عدد التوصيات الذي ناله تقرير مصر الحقوقي "قياسيا" وفق ما هو معروف سابقا في تقارير الدول المختلفة، كما أن الدول التي لا تعلن صراحة موقفها من التوصيات، تعطي انطباعا بأنه ليس لديها موقف ثابت مما أثير حول انتهاكات حقوق الإنسان بها، وما تحتاج إلى تعديله أو تطويره.
وجرى العرف على أن تقوم الدول الإسلامية بالإعلان أولا عن رفضها التوصيات التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية وقيمها المجتمعية، ثم تشير إلى مجموعة التوصيات التي يمكن أن تبدأ في تنفيذها على الفور، وهو أمر لا يحتاج في الدول المتمرسة على الديمقراطية وحقوق الإنسان، إلى تفكير، خاصة عندما تتعلق التوصيات بحظر التعذيب أو التحقيق في الانتهاكات أو تقديم الجناة إلى المساءلة، ما يعني أن النظام المصري، والوفد الذي يمثّله في جنيف، غير واثق من تقديم المتورطين عن انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد إلى القضاء.

ويمكن تقسيم التوصيات إلى مجموعتين، الأولى: متخصصة، وتشمل طيفا واسعا من الإجراءات التي يجب على السلطات المصرية العمل على تطبيقها، مثل ضمان إجراء تحقيقات شاملة ومستقلة وحيادية في "عمليات القتل الجماعي لاعتصام ميدان رابعة العدوية عام 2013، وتقديم الجناة للمساءلة"، والتوقيع على البروتوكول الاختياري لاتفاقية منع التعذيب، وسحب التحفظات التي سجلتها مصر على الاتفاقية، ووضع تعريف واضح للتعذيب في القانون المصري، وإلغاء عقوبة الإعدام أو تعليق العمل بها، والتصديق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.


كما يضم التصديق على اتفاقية حماية الأشخاص من الاختفاء القسري، والتصديق على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الحالات الخاصة والمعاقين.

كما شملت تلك المجموعة مطالبات بسحب مصر تحفظاتها على مادتين من اتفاقية حماية المرأة من العنف، ومراجعة تشريعات الأحوال الشخصية وقانون العقوبات من أجل تعديل أو حذف المواد التي تنطوي على تمييز ضد المرأة، ليتوافق مع الدستور وكذلك القانون الدولي، واتخاذ تدابير لتعزيز الإطار المؤسسي والقانوني لحماية حقوق الإنسان.
إضافة إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لإنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، مع الامتثال الكامل لمبادئ باريس والحفاظ على جهودها من أجل تعزيز المؤسسات الوطنية العاملة في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وتعزيز التدابير بما في ذلك اعتماد التشريعات اللازمة لإعمال الحقوق المنصوص عليها في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

وبين التوصيات تسريع عملية إنشاء مكتب إقليمي للمفوضية في القاهرة، وتوجيه دعوة دائمة إلى جميع المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة، وتسهيل الزيارات من جميع خبراء الإجراءات الخاصة، وتعزيز مصر لتعاونها مع مجلس حقوق الإنسان وآلياته، وشرح واضح للوقائع والظروف ذات الصلة لمعالجة الشواغل التي أعربت عنها آليات حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.

تجريم التعذيب
وتشمل إنشاء آلية لقيام خبراء الأمم المتحدة بزيارات إلزامية مستقلة لجميع الأماكن التي يمكن أن يحرم فيها الأشخاص من حريتهم بما في ذلك جميع المرافق الأمنية والعسكرية، والتأكد من أن جميع الأشخاص المحتجزين محميون بموجب القانون جسديا ضد التعذيب وجميع ضروب سوء المعاملة وفقا لالتزامات مصر بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، ومقاضاة ومعاقبة مرتكبي الجرائم، حتى وإن ارتكبها ضباط الأمن أو الجيش، ونشر النتائج وضمان الحصول على سبل إنصاف فعالة للضحايا.

كما تنص هذه المجموعة من التوصيات على وضع استراتيجية شاملة ومتعددة التخصصات لمنع استغلال المواطنين والشباب من خلال الهجرة غير الشرعية، وضمان الحق في محاكمة عادلة، وضمان محاكمة المدنيين في المحاكم المدنية في جميع الأوقات، وضمان نظام قضائي عادل ومستقل كركيزة أساسية من مصر ديمقراطية ومستقرة في المستقبل.


وتشدد هذه المجموعة من التوصيات أيضا على وقف القيود المفروضة على الحقوق الدستورية في التجمع السلمي وحرية التعبير، والإفراج عن جميع الذين سجنوا بسبب ممارستهم لحقوقهم الدستورية، بما في ذلك ممثلو وسائل الإعلام، وتعديل قانون العقوبات لتنفيذ ضمانات حرية الفكر والصحافة والنشر المنصوص عليها في دستور 2014، واتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز التمتع بحرية التعبير وضمان بيئة مواتية لعمل الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، وضمان الشفافية والفعالية والنزاهة والاستقلال في عمليات التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان.

وتضم الدول التي قدمت تلك القائمة من التوصيات دولا أوروبية وأميركا واليابان وكندا وأستراليا وعددا من دول أميركا اللاتينية وبعض الدول الآسيوية والأفريقية، وتونس وقطر وتركيا فقط من منطقة الشرق الأوسط.

الدعم السعودي

أما المجموعة الثانية من التوصيات فهي تلك التي رأت الدول التي قدمتها "وجود تحسن ملموس ولكنه يحتاج إلى مواصلة" وذلك في مجالات حددتها في "مواصلة جهود ضمان امتثال مصر لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، خاصة تلك المنصوص عليها في الاتفاقيات الأخرى لحقوق الإنسان، ومواصلة الجهود لمواءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية، والتكيف مع الاتفاقيات العالمية لحقوق الإنسان بما يتفق مع القوانين المحلية وتعزيز عملية مراجعة القوانين الحالية لها بهدف ضمان توافقها مع الدستور الجديد، وإلى حماية أفضل وتعزيز حقوق الإنسان".
كما تضم مواصلة عملية المراجعة التشريعية لتعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان، ومواصلة الجهود لتعزيز الحكم الرشيد والحوار السياسي وتطبيق خارطة الطريق على الحقوق السياسية من خلال إجراء انتخابات تشريعية.

وتنصح هذه المجموعة أيضا مصر بمواصلة جهودها لتعزيز وحماية حقوق الإنسان ومواصلة زيادة تحسين حماية وتعزيز حقوق الإنسان في البلاد والتواصل الجماعي لإيجاد طريق مشترك يمكن التوصل إليه للاحترام الكامل لحقوق الإنسان، ومواصلة تنفيذ التعهدات والالتزامات الطوعية من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، ومواصلة الجهود الرامية إلى تعزيز الوعي حول ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع، ومواصلة تعاونها مع المجالس الوطنية ومنظمات المجتمع المدني، ومواصلة تعزيز أطر التعاون بين أجهزة إنفاذ القانون والمجتمع المدني.

وحثت الدول صاحبة تلك التوصيات على مواصلة تشجيع وتعزيز التفاعل والحوار بين السلطات الوطنية المختصة ومنظمات المجتمع المدني، والاستمرار في اعتماد التدابير القانونية والإدارية لمكافحة الفساد في إطار برامج الإصلاح التشريعية والإدارية والسياسية وجعل التشريعات المحلية تتماشى مع المعايير الدولية في مجال مكافحة الفساد وترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة، ومواصلة سياستها لتمكين النساء والأطفال والاستمرار في تنفيذ تدابير من أجل حقوق الشباب وتشجيع المبادرات التطوعية والعمل الخيري لتعزيز هذه الحقوق والاستمرار في تعزيز وحماية حقوق الطفل.
وتشير تلك الدول إلى أهمية مواصلة مصر تعاونها مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، وزيادة عدد ضابطات الشرطة، والنظر في وضع المرأة في مواقع صنع القرار، وزيادة عدد النساء في وكالات إنفاذ القانون، بما في ذلك أقسام الشرطة، وزيادة برامج التثقيف والتوعية لضباط الشرطة في مجال حقوق الإنسان، وتطوير برامج تهدف إلى تعزيز وعي الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون على قيم ومبادئ حقوق الإنسان، ومواصلة العمل على إصلاح وتحسين السجون ومراكز الاحتجاز وفقا للمعايير الدولية".

الانحياز للوفد المصري

ومن اللافت، أن التقرير الذي ضم التوصيات الأخيرة المنحازة للنظام المصري الحالي صادر بإشراف لجنة (ترويكا) تضم السعودية وكوت ديفوار ومونتينيجرو، وتضمن كلمات لأعضاء الوفد المصري إلى الدول التي تقدمت بتوصياتها، بينها ما كالته ميرفت التلاوي رئيس المجلس القومي لحقوق المرأة في مصر، من اتهامات لجماعة الإخوان المسلمين.
لكن التقرير "السعودي الإيفواري المونتينجروي" حذف ما قاله السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية من اتهامات للدول التي تحدثت عن وجود انتهاكات جسيمة وتعذيب، بأنها تستند إلى معلومات غير صحيحة ووقائع حدثت في بلد آخر غير مصر.

وأصر وزير العدالة الانتقالية المصري إبراهيم الهنيدي في كلمة ختام تقديم التقرير المصري على التأكيد أن "مصر حصلت على تقدير دولي لما تقوم به في احترام حقوق الإنسان، لاسيما أن المجتمع الدولي يتفهم الوضع الراهن الذي تمر به وتحديات أبرزها الإرهاب، ولكنها عازمة على أن تضمن لأبنائها صيانة حقوقهم وحرياتهم وتحقيق مبادئ الثورة من الحرية والكرامة الإنسانية والالتزام بإعلاء حقوق الإنسان والحريات" على حد قوله.